للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعافا على ظهر السفينة، ثم اتفقا على أن يذهبا سوية للعمل في مصانع (برلييه Berliet) بمدينة (ليون).

ولم يبطئ بنا الأمر حتى انضممنا إليهما وشكلنا جماعة واحدة، سرعان ما تولى رئاستها الشاب اليهودي.

فقد اتفقنا على أن نؤلف نوعاً من جمعية عمالية يضع كل واحد من أعضائها أجره الأسبوعي بيد اليهودي، ليتمكن هذا الأخير من تأسيس محل لبيع الفواكه في أحد أسواق (ليون).

كنت أشعر أن لدي ثقة بخبرة هذا الرجل ونزاهته. غير أن ما كان يثير قلقي ألا أجد أنا و (قاواو) عملاً في ليون، فنخسر بذلك إمكانية الإسهام في (الشركة) ذات المسؤولية المحدودة، لكن ذلك لم يمنعنا من الاستمرار في تلك الأحلام التي تصورناها في مدينة قسنطينة.

نزولنا إلى مرسيليا استحوذ علينا فألهانا عن التفكير في مشاكلنا، وقد ذكرني قصر (إيف If) براوية (الكسندر دوماس Dumas) حين مررنا به. فعجائب شريط (الكونت دو مونت كريستو Conte de Monte Cristo) فعلت في صباي فعل السحر.

هكذا أصبحنا أنا وقاواو أمام واقع مغامرتنا الآن. فقد فاجأنا ذلك المظهر البائس للجزائريين الذين كنا نصادفهم في الطريق. ولا أدري من الذي فسر لنا ذلك البؤس بأنه خاص بمرسيليا وحدها، فتكاثر المهاجرين الجزائريين فيها قد جعل أوضاعهم تسوء.

وهكذا فحين طرحت علينا مسألة الاختيار بإن البقاء في مرسيليا- المدينة التي بناها اليونانيون من سكان إيونيا قبل آلاف السنين- وبين مرافقة زميلنا

<<  <   >  >>