للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مررنا أولاً أمام طبيب شاب ذي معطف أبيض وقد لفت نظره بشكل واضح ثوبي وصحتي. قال لي: ((إن قماشك من النوع الجيد)). بينما كان يتأمل ويجس طرفه بين إبهامه وسبابته.

حقاً كنت قد خطته عند أفضل خياط في قسنطينة.

في نهاية سلسلة من الإجراءات كانت النتيجة إيجابية بالنسبة لي وسلبية بالنسبة لـ (قاواو).

نصف نتيجة أفضل من لا شيء على الإطلاق. سوف نأكل خبزنا سوية ولكن بانتظار ذلك فإن المعدة خاوية. ولأنه لا وسيلة لنا في ملئها فلتنم على الأقل. ولكن أين؟ فالسماء بدأت تتوهج بشمس تموز (يوليو) التي ارتفعت فوق رؤوسنا. لاحظنا عند أسفل المصنع ثمة حقلاً صغيراً يخترقه جدول ماء. أوينا إليه وفيما نحن نهم بالاستلقاء إذا بشاب أو بالأحرى ولد ينتصب فوق رأسنا. لم نكن نعرفه، إنما كان يبدو من مخايل وجهه أنه يعرفنا.

خاطبنا بالعربية:

- أنتما من قسنطينة؟.

- وأنت من أين؟.

- كنت أمسح الأحذية في ساحة (بريش la Brèche) في قسنطينة. ثم ركبت الباخرة من (سكيكدة philippeville) حتى وصلت إلى مرسيليا فبقيت فيها عدة أيام، ثم في ليون، ولما لم أجد عملاً أتيت إلى هذه البلدة، ولكنهم رفضوا إعطائي عملاً هنا لأنني ما أزال صغيراً.

كان أمامنا بالفعل واحد من أبناء الشوارع الجزائرية مع ما في نظراته من عزم وصراحة يمتاز بها أولاد قسنطينة والجزائر.

<<  <   >  >>