للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودون أن يتوقف عن الحديث بادرنا قائلاً:

- بقيت معي سبعة فرنكات سأذهب لأشتري بها خبزاً وشوكولا.

- لا .. لا .. احتفظ بفلوسك.

لم يبتعد الولد عنا إلا ليعود بعد لحظات يحمل تحت إبطه قرصاً من الخبز. هناك أناس لا يؤمنون بحكمة الله، ولو لم أكن مؤمناً بها لآمنت بها ذلك اليوم، فالصبي قد حمل إلينا فوق خبزه وشوكولاه معلومات مفيدة.

لقد أخبرنا أن ثمة مصنعاً للإسمنت فيه فرص للعمل، فقررنا أن نقف على أبوابه بعد الظهر.

أنا و (قاواو) قُبلنا لنبدأ فعلياً العمل في اليوم التالي، أما الصغير فسوف يعيش معنا طالما لم يجد له عملاً ولكن أين نقضي الليل؟

تهنا في شوارع (لورت Lorette) فمررنا أمام مقهى جزائري لم نجرؤ بادئ الأمر على دخوله لأننا لا نملك نقوداً. ولكن كيف لا نجرؤ على الجلوس على أحد مقاعده على الأقل؟ هكذا دخلنا بالصيغة التي اعتادتها البلاد الإسلامية: ((السلام عليكم)).

ردّ بعض الجالسين حول الطاولات من (السيدي Sidi) الذين كانوا يتحادثون أو يلعبون الدومينو: ((وعليكم السلام)).

جلسنا في زاوية دون أن نطلب شيئاً. وبسرعة وضع أمامنا صبي المقهى (براداً) من الشاي وأقداحاً ثلاثة.

على الرغم من كل ما أصاب المجتمع الإسلامي من انحطاط منذ أمد طويل، فالإسلام قد حفظ فيه الشعور الإنساني في مستوى لم يصل إليه العديد من البلاد (المتحضرة).

<<  <   >  >>