للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان اليهود يبسطون نجاحهم في تِبِسَّة. فوكالة سيارات (سيتروين Citroên)، والشركات التجارية الكبرى لتصدير الحبوب والصوف وكذلك البنوك هذه كلها قد أضحت بين أيديهم. ومقاهي المدينة الكبرى التي كان يديرها فرنسيون حتى تلك اللحظة غدت تحت رقابتهم.

هذا النجاح قد غضّ من بهاء (كانبون Canbon) الذي كان في تبسة (قارون) الفرنسي في أعين المسلمين.

وقد وضع هذا النجاح في ذهني في تلك الفترة أول مشكلة سياسية ذات أبعاد عالمية. وأصبحت أعبر عن هذا الانطباع أمام أصدقائي قائلاً لهم: ((إنه عصر المرأة واليهود والدولار)).

ربما لم يكن في ذلك الوقت غير انطباع. لكنني أعلم اليوم أنه كان عنصراً أساسياً في توجيه فكري الذي أمسك وربما بصورة غامضة بمشكلة حضارة تندرج تحتها سائر هذه الظواهر.

وأنا اليوم أرى المرأة واليهود والدولار يشكلون الأقانيم الثلاثة للقرن العشرين.

لم تكن المشكلة تطرق ذهني في ذلك الوقت من زاويتها العالمية، ولكنها انطلقت من وضع شخصي معين. كنت عاطلاً عن العمل بداعي صغر سني. أما يهود تبِسَّة فكان لكل منهم مكان في السوق حتى أولئك الذين هم أصغر مني سناً.

وفيما كنت أوالي إرسال طلباتي إلى الشركات الفرنسية في إفريقيا، كنت ألح من حين لآخر على النائب العام لعَلَّ الأسابيع أو الأشهر الماضية قد جعلتني كفئاً لوظيفة (العدل).

لكن النائب العام ظل متمسكاً بالطبع بموقفه الواضح الصريح. فالجزائري لا يحق له قبل الثانية والعشرين أن يدخل الإدارة.

<<  <   >  >>