للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيما كنت أهيئ نفسي للوقت الذي أستطيع الحصول فيه على حق التوظف، كان يزعجني أن أقضي أيامي في البيت وفي المساء عند (باهي) أستمع إلى أقاصيصه وأسطواناته، وفي (حمام عباس) حيث نلعب لعبة (الطاس تقول).

كان لي صديق في محكمة تبسة يشغل هو الآخر وظيفة (عدل)، وبما أنني لم أجد عملاً أتقاضى عليه أجراً فقد اتفقت مع صديقي العدل على أن أقوم بمساعدته بدون أجر، ففي هذا ما يشغل بعض وقتي أو على الأدق ينتشلني من العدم الذي كنت أشعر معه بأني غارق فيه منذ عودتي من فرفسا.

اعتمدتني المحكمة في نهاية الأمر معاوناً متطوعاً، فهم قد وجدوا في ذلك فائدة. وبالنسبة لي فقد كانت الفائدة مؤكدة؛ فبالإضافة إلى الخبرة المهنية فقد كنت أرافق أعضاء المحكمة لتنفيذ الأحكام. والخروج مع أعضاء المحكمة إلى الريف التبسي خصوصاً في الفصل الجميل يستحق أكثر من التطوع، فلو كنت أستطيع أن أدفع عليه مالاً لفعلت.

كانت الصلاحية القضائية لمحكمة تبسة كما يقال تمتد خصوصاً إلى (دواوير) أولاد سيدي (يحيى)، ثم لتجمعات المناجم في (الكويف والونزة).

وكانت تجولاتي في تلك (الدواوير) تجعلني على اتصال بالطبيعة والرجل البسيط الذي انصقل عبر القرون.

فإذا ما كانت الجولة في دائرة صغيرة حول تبسة فذلك أمر لا يثير الاهتمام، لأننا سرعان ما نعود في المساء إلى تبسة. لكن حينما تمتد جولتنا إلى دائرة أكثر اتساعاً فذلك ما يحتم علينا قضاء الليل خارجاً. وكان في هذا ما يسحرني على الرغم من أن السي (الجودي) باش عدل المحكمة كان يدبر أمر مبيته تحت سقف منزل وكنت أوثر الخيمة.

<<  <   >  >>