للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التصنيف الاستعماري لسكان البلاد الأصليين، ( Désindigénisation).

فثمة تطورات جديرة بالملاحظة تؤرخ لهذا التحول. فقد بدأت حلقات الرقص تشهد فراغاً من حولها، وكانت من قبل تستقطب في العادة الجزائريين ( Indigène) يتزاحمون بالمناكب حول الحلبة التي في داخلها، يرقص كل زوج من الأوربيين والأوربيات.

لقد أعطى عملنا ثماره. وأعتقد أن مدام (دوننسان Denoncin) نفسها رأته بأم عينها. إذ حين تقام حلبة الرقص في ساحة (كارنو) لا يرى حول الراقصين غير بعض الأطفال يدفعهم الفضول، وكنا نفرقهم بالتي هي أحسن.

وهناك تحول آخر ليس بأقل بروزاً، تم إحرازه على صعيد محاربة الخمر.

وكانت الخطة بسيطة فمنذ أن علقنا نداءنا لتأييد الأمير عبد الكريم وشعب الريف، أمكن استخدام باب المسجد لمثل هذه الأهداف. وفي صبيحة العيد الصغير مثلاً قبل طلوع الشمس تعلق قائمة بأولئك المفطرين في رمضان الذين شربوا الخمر، وقد كان ذلك حلاً جذرياً. ولم تعد مدام (دوننسان Denoncin) ترى المشهد التبسي اليومي حين يقتاد العريف (أنطونيني) صاحبه السكران (بنيني) إلى الحبس؛ وحتى (بنيني) نفسه أقلع عن شرب الخمر لفترة من الزمن على الأقل.

لقد بدأت الروح الاجتماعية تتجلى في تبسة. وها هو ذا المجتمع الجزائري الجديد قد ولد. فالمجتمع ليس كلمة تقال بل هو حقيقة ذات خصائص محددة، بها يكون المجتمع أو لا يكون. وأدعياء الثقافة الذين أطلقهم الاستعمار في السوق الجزائرية والذين احتكروا بفضله وسائل التعبير قد شوّهوا الأفكار الأكثر بداهة وبساطة.

فمع هؤلاء انتقلت البلاد خلال ثلاثين عاماً من الزوايا التي وضعت تحت قيادة (المقدم) والقبيلة الخاضعة لسلطة سيدي الحاكم عبر (القائد)، إلى جمهور

<<  <   >  >>