للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الناخبين لا اتجاه لهم ولا لون يقودهم الزعيم، وإلى (عمال منظمين) كما يقولون عن أنفسهم؛ أي مجموعة يستغلها حفنة من اللصوص، وإلى جمعية طلاب يوحي إليهم ممثلوهم كيما يهرعوا زرافات إلى محاضرة ما ويقاطعوا أخرى وفق الحسابات الدقيقة لسفارة أجنبية.

وهكذا فإذا ما تأملنا جيداً في الأمر، نجد أن الخصائص التي تميز مجتمعاً ما إنما تكمن في شعوره الجماعي وذاتية قراراته.

وهاتان الخاصتان كانتا أوضح في الجزائر مما هي عليه اليوم.

ففي تبسة منذ عام ١٩٢٥ بدأت الروح الجماعية في البروز في وقائع محددة. فإنشاء النادي كان أكثر تعبيراً في هذا الإطار من عشرة انتخابات يزورها الحاكم أو الزعيم.

لم يبق النادي طويلاً في مكانه الذي أنشئ فيه، فالناس قد قرروا تهيئة مقر جديد له وتأسيسه وفرشه لإعطائه استقلاله وطابعه الخاص.

وهاهم أولاء السكان منذ ذلك التاريخ يشرعون ببناء مسجد غير خاضع لرقابة الإدارة. وكانت هذه بالضبط خصائص ولادة المجتمع، وليست الكلمات التي أريد صبها في ضمير الشعب، كيما تعميه وتحرفه عن طريق النهضة الحقيقية. ففي تلك الفترة لم تنشغل تبسة بأمور الزعماء وانتخاباتهم، بل بأمور الشعب وتوجيهه نحو بناء المجتمع الجزائري.

فالشعب كان يعمل بنفسه على تأسيس نواديه وبناء المساجد والمدارس.

صديقي عدل المحكمة كان المحرك لكل مبادرة ذات طابع اجتماعي رأت النور في تبسة. فعيد المولد الذي تلا عودتي من فرنسا، كان هو نفسه مناسبة لإبراز أهميته ومغزاه الجماهيري.

<<  <   >  >>