للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

خيمة العائلة، إنما في خيمة الضيوف التي تبعد قليلاً عن مضربها، وهي مفتوحة لا يستأذن في الدخول إليها مسافر، إنما يكفي أن يربط دابته بجانبها ثم يأكل فيها وتعلف دابته طيلة إقامته.

ويمكن لمن يعيش في تلك المنطقة وتكون لديه فكرة عن ذلك الذي يجري في المناطق الأخرى، التي تلقت صدمة الواقع الاستعماري في الإطار الاقتصادي، يمكن له أن يدرك التحولات النفسية التي تميز الرجل الذي يعيش على الحيوان والآخر الذي يعيش على محراثه.

فقصة قابيل وهابيل تتكرر في كل مرة يتعايش معها في مجتمع ما، الواقع الرعوي والواقع الزراعي كما كان الأمر في الجزائر عام ١٩٢٧.

فملكية الإنسان لأرض ما تخلق في نفسه غرائز اجتماعية قد سلم منها الراعي. لقد بدأت أدرك ذلك إدراكاً فيه بعض الغموض.

ففي دعوى أمام القضاء في تبسة، يستطيع كل فريق أن يقدم عشرة شهود زور بالمجان لمجرد روح التعصب لفريق، وشهود كل من الطرفين سيحلفان إنهما يقولان الحقيقة.

أما في (أفلو) حينما كنت ترجماناً لمحكمتها فقد لاحظت الرجل يرفض غالباً أن يحلف، ولو كان ذلك لدعم حقه الواضح.

ومن ناحية أخرى فقد مكثت عاماً في (أفلو) دوك أن تحدث جريمة. وثمة نادرة كانت الأكثر تأثيراً في نفسي، تلك قصة راعٍ أودع قطيعه المؤلف من خمس مئة أو ست مئة جمل إلى من يرعاه. ثم افتقد الراعي ذلك المؤتَمَن ولم يعد يراه ويئس من رؤيته ثانية.

وبعد مضي عامين يرى فجأة قطيعه في مضرب الخيام وقد بلغ ضعفين: ذلك أن الذي أخذ القطيع ليرعاه تاه في الصحراء بحثاً عن المرعى والكلأ. وقاده

<<  <   >  >>