للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذه السنة ظهر في تبسة المسرح الجزائري لأول مرة، حين أمَّت المدينة فرقة (المزهر البوني) التي أسسها في عنابة سي (الجندي) وكان يعمل وكيلاً قضائياً.

كان مرور هذه الفرقة في المدينة حدثاً ثقافياً كما نقول نحن اليوم، لكنه حدث سياسي كذلك. ذلك أن سي (الجندي) كان يفكر في كل شيء عدا التمثيل؛ لكنه كان بإمكان هذا المسرح أن يساعد على إحياء اللغة العربية وأمجاد الماضي. وقد خلفت هذه الزيارة في رؤوس شباب المدينة فكرة تأسيس فرقة مسرحية تبسية.

كانت السيدة (دوننسان Denoncin) ترى جيداً التحولات في وسط سكان البلاد ( Indigène)، لكنها لم تكن تدرك مغزاها. والإدارة ذاتها لم تكن أكثر إدراكاً منها لحقيقة ما يجري. إذ كانت في مراقبتها للأمور ترى أنها تترك مستعمريها سكان البلاد لأعمالهم الصبيانية هذه.

لكنه في تلك الفترات بالذات وصل أول فيلم مصري إلى قسنطينة، إنه فيلم (الوردة البيضاء) وكان هذا حقاً إنتاجاً صبيانياً.

لقد أضاع (جورج أبيض) جهوده في مشاهد صبيانية، والمنتج المصري أنفق أمواله وهو لا يدري أن مخرجه الإيطالي قد هزّأ موضوع الفيلم بشطحة ساخرة من آلة تصويره.

وعلى الرغم من ذلك كله فإن جميع شباب المنطقة قد هبُّوا إلى قسنطينة لمشاهدة الفيلم، وكنت أنا بالطبع من بين أبناء تبسة الذين لم تفتهم هذه الفرصة.

لكن النظام الاستعماري استمر في توسيع سلطانه على الأرض والناس معاً.

ومنذ الحرائق الكبرى للغابات المحيطة بتبسة بدأ الريف يأخذ شيئاً فشيئاً

<<  <   >  >>