للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مظهر الصحراء. وسيارات (السيتروين والرينو) امتصت ميزانية الناس الهزيلة بالمحروقات. وهي تشق أرجاء هذا الريف بطرقاتها.

لقد وضعت هذه السيارات حداً لتلك الصيغ من صلات المودَّة التي نشأت بين الدوار والمدينة: إذ كان رجل الخيمة من أبناء الريف مضطراً أيام السوق أن يقضي الليل تحت سقف ابن المدينة، وكان هذا الأخير في الفصل الجميل يحب أن يقضي بضعة أيام تحت خيمة صديقه من أبناء الريف.

فالمواصلات السريعة كان لها الأثر الذي عمّ العالم كله: لقد ضاعفت من الاتصالات لكنها جعلتها سطحية. وهكذا فإن رسائل (مدام دو سافيني Madame de Savigné)، وصلات الأسفار التي حققها ابن بطوطة والمسعودي لم تعد ممكنة في عصر المحرك الانفجاري.

وبالنسبة لي فقد بقيت المشكلة المطروحة: ما العمل؟

فـ (أفلو) لم تكن غير مرحلة لا شك أنها استهوتني، لكنها تظل مرحلة في الحياة.

وبقدر ما أضحت تمبوكتو وأوستراليا بعيدتي المنال، فإن أفكاري بدأت تتجه نحو التجارة.

لقد وجدت في (أفلو) فرصة في هذا المجال: إنه (جذر القنطس pyrèthre) يباع غالياً في تبسة وقسنطينة، ثم يصدر منها إلى فرنسا لصناعة المواد القاتلة للحشرات في زمن لم يكن فيه قد عرف مبيد (د. د. ت D.D.T).

وكنت بالاتفاق مع السي (عمر) ابن القاضي أشتري هذه الجذور من جبل (عمور) بعشرة فرنكات للكيلو الواحد، وكنت أبيعه بحوالي عشرين فرنكاً في تبسة.

<<  <   >  >>