للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وزوجها دائم السكر نوعاً من المكان، تقدم فيه طعاماً يومياً لصغار موظفي المنطقة، صغار حجاب ( Chaouch) المستعمِر أولئك الذين لا تسمح لهم إمكانياتهم بارتياد المطاعم الأوربية.

وبما أن هذه المرأة طباخة جيدة فقد أصبحت من زبائنها الدائمين. في المحكمة كان (الباش عدل) لا يفيق من سكره. أما العدل الآخر فكان يعد نفسه لبلوغ القمة: أن يصبح قاضياً.

كان ذلك موضوعه الوحيد في كل حديث.

أما القاضي فلم يكن لديه من هدف آخر إلا أن يزيد عدد الهكتارات التي يشتريها في منطقة (قلما)، موطنه الأصلي في كل عام، من الموارد التي تأتيه خارج مرتبه (الرشوات).

وحين شاءت الإدارة الفرنسية أن تمنحه وسام (جوقة الشرف) مكافأة له على أخلاقه العالية وفضائله، فقد قادوه إلى منزله في نهاية الاحتفال محمولاً على عربة وهو ثَمِل.

أما خارج عملي فقد وجدت صحبتي في وكيل قضائي ذي أصل قسنطيني، و (خجا) وحدة إدارية مختلطة، كان أولاده أسن مني، ومساعد طبيب وموظف في بنك.

كنت أجدهم كل مساء في مقهى يديره زوجان من أصل مالطي. كانت الزوجه فاتنة الجمال. والشباب المفتون بها يطلب من أجل عينيها الجميلتين كؤوس خمر اليانسون ( Anisétte)، يشربونها واحدة تلو الأخرى حتى التاسعة مساء ثم ينصرف كل منهم يتجشأ سكره.

أما كيف تمكنت من المحافظة على نفسي في هذا الوسط فالله وحده يعلم.

<<  <   >  >>