أما المدينة فلا زال يدوي فيها صدى مؤتمر الطلبة المسلمين الذين مروا عليها في الذهاب والإياب من تلمسان، حيث انعقد ذلك المؤتمر الأول والأخير.
لماذا سيكون الأخير؟ إن كثيراً من نشاطاتنا سارت على هذا القانون قانون المد والجزر مرة واحدة، لماذا؟ فلنترك الأمر للأيام تفسره لنا؛ أما الآن فالجزائر لا زالت تدوي بصداه وبإعلان اعتناق (اتيان دينيه) الإسلام في حفلة خاصة أقيمت قبل بضعة أشهر بنادي الترقي.
وبعبارة أخرى استمرت عملية التصفية التي وضحت الخط الفاصل بين طرفين: طرف من صغار الصيادين وعمال الموانئ مع بعض وجوه المدينة يمثل سير الإصلاح في الوطن ومقره هنا بنادي الترقي حول الشيخ العقبي، وطرف آخر هو تلك الفئة من الانتهازيين الذين لن تشملهم هداية الله، إلا يوم تصوب في صدورهم رشاشات الجهاد سنة ١٩٥٤ وما بعد.
ووجدت أيضاً بنادي الترقي صدى محاضرة صديقي (حموده بن الساعي)، وكأنما رسمت أيضاً هذه المحاضرة منعطفاً ذا دلالة على تلك الفترة، إذ أنها كانت ظاهرة جديدة في هذا الجو المتطور، تدل فيه على أن الجيل الجديد من الطلبة الجزائريين بدأ يكتب ويتكلم اللغة العربية، سواء أتقنها أم لم يتقنها، عل عكس الجيل السابق الذي كان لا يستعملها، سواء كان يجهلها أو يتجاهلها، فلم يتكلم (فرحات عباس) إلى الشعب الجزائري بلغة آبائه، إلا يوم دقت ساعة المزاحمة الانتخابية والمزايدة الديماغوجية بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي الحقيقة كان صديقي (حموده) قد أتقن العربية في محاضرته عن (السياسة والقرآن) كما علمت ذلك من بعض الحاضرين من الشبان الذين تعرفت عليهم بالنادي، غير أن صدمة صغيرة عكرت سروري عندما سألت الشيخ العقبي ففاجأني برأي غريب: