أكتسبها اكتساباً بدأت معه تغيير بعض مظاهري منذ وجودي بمدرسة قسنطينة، وإنما وجودي بفرنسا ومعايشتي لزوجي طوّرا هذه الاستعدادات الوراثية إلى أفكار اجتماعية واضحة.
كانت الحياة المنزلية تبتدئ بالنسبة لي، عندما أعود مساء من المدرسة، فآخذ استراحة قصيرة أتناول أثناءها كأس شاي، وأتجاذب الحديث مع (خديجة) حول القضية الجزائرية أو حول الدين، وكان يروق لها، بعدما أصلي المغرب، أن تستمع لما أتلو من القرآن دون أن تفهم بطبيعة الحال؛ غير أنها تتذوق جرس التلاوة نفسها، ويحدث أن تطرح بهذا الصدد سؤال المريد المبتدئ، أو تبدي رأيها في موازنة الإسلام والمسيحية بطريقة تفيدني أحياناً، أو تلفت نظري إلى أشياء لا تفقد أهمية بالنسبة لمن لا يحتقر الشيء البسيط لبساطته، فقد لفتت نظري ذات يوم إلى أن الهرة (لويزة)، كانت إذا قفزت إلى المائدة، لتحل مكانها على ركبتي مولاتها، وكان المصحف مفتوحاً بيننا، نراها تتياسر أو تتيامن كأنها لا تريد أن تضع أقدامها على المصحف في طريقها.
وتنتهي هذه الاستراحة بعد العشاء، عندما ترفع أدوات الأكل من على المائدة لتعود إلى عملها.
كانت (خديجة) في الأسابيع الأولى فرحة متفائلة بما أبذل في العمل، لأنها تقدره بالوقت الذي ضاع في السنة السابقة، ولكن مع مرور الأيام وعندما رأت أن خط السير لم يتغير، ولم يترك لها من وقتي إلا القليل، حتى أصبحت تشعر أنها تعيش مع (لويزة)، وجدتني مبالِغاً حتى بالنسبة لصمتي، لأنني كنت أستمر في العمل إلى الساعة الثانية ليلاً أحياناً، إذا ما كنت مع مشكلة رياضية في صراع محتدم إلى درجة البكاء.
هكذا كان الجو حولي مملوءاً حرارة وطموحاً، مما تصرفه زوجي في قضايا