للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام) ولا يوجد على الطرد اسم مرسله، ولا أحد يستطيع أن يقرأ على وجه الكتاب اسم من ألفه بالعربية، لأنه كتب بطريقة توهم القارئ أنه اسم مكتوب بخط دقيق، بينما لا يجده يعني شيئاً تحت آلة مكبرة.

فخشيت منذ ذلك الحين على فرحة والدي، لأنني أدركت الغرض من الكتاب الذي وصلني في تلك الظروف، إذ كان المنتظر مني بكل وضوح، أن أقوم بسلسلة محاضرات عن (الخطر الهتلري)، كما أدركت الأسباب التي عطلت نشر مقالتي في جريدة الحزب الوطني الجزائري أو جريدة الحزب الوطني التونسي، حتى لا يتعطل بسبب نشرها منطلق المحاضرات المنتظرة مني، فكانت إذن فرحة والدي البريء قيد تصرفي دون أن أبوح له بذلك إلى اليوم، وهو شيخ كبير في الخامسة والثمانين من العمر، قد قضى أكثرها في المحنة بسببي.

كنت ذلك اليوم مصمماً على ألا أدفع ثمن فرحة والدي ولو كان في موقفي تجاهه ما كان من القسوة، أرجو الله أن يعوضها له بالرحمة والغفران ..

ودقت ساعة الحرب، فأتاني (خالدي) بخبرها في الصباح:

- إن الجيش الألماني عبر حدود بولونيا في الساعة الخامسة من صباح اليوم.

لم أكد أصدق لطول انتظاري، ولكن شرع البوليس في التفتيش ذلك اليوم، فسلمت محفظة تضم كل أوراقي لأم الدكتور خالدي، وذهبت مع زوجي تلك العشية بمنشور عن قضية فلسطين، فدفناه في علبة معدنية خلف البيت على ضفة وادي الناقوس، حتى يبقى للتاريخ.

ولكن لم يأت التفتيش إلى بيتي، وفسر لي ذلك في العشية أحد الشرطة:

- إنني أقنعت رئيسي بأنك لا تهتم بالسياسة.

ومنذ الغد بدأت الأسعار ترتفع في السوق والبضاعة تختفي، ودخل هكذا

<<  <   >  >>