ورسوله حيث قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته:" من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" وسر الجمع بينهما عليهما الصلاة والسلام ووصفهما بكونهما عبدي الله ورسوليه بيان أن عقيدة الإسلام في حق عيسى عليه الصلاة والسلام أنه عبد الله ورسوله فلا يغلى فيه غلو النصارى من جانب ولا يقصر في حقه كما قصرت النصارى من جانب آخر وكما جفت اليهود لعنة الله عليهم، وبيان أن الواجب في حق محمد صلى الله عليه وسلم وصفه بذلك وعدم الإفراط والتفريط، وان وصفه بأنه عبد الله يقتضى اعتقاد أنه لا يستحق أن يصرف له شيء مما لا يستحقه إلا الله تعالى، ووصفه بأنه رسول الله يقتضى تصديقه في جميع ما يخبربه من أخبار في الماضي وفي المستقبل وفي ما هو موجود غير مشاهد لنا، ويقتضى طاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه، وتقديم محبته صلى الله عليه وسلم على النفس والوالد والولد والناس أجمعين، وأن لا يعبد الله إلا على وفق ما جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه، هذه عقيدة المسلمين في عيسى عليه الصلاة والسلام وفي محمد صلى الله عليه وسلم وسط بين طرفي الإفراط والتفريط. ولقد أحسن الشاعر إذ يقول:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم
٦- قوله:"لا تطروني" الخ، هذا منه صلى الله عليه وسلم سد للذرائع التي تؤدى إلى الشرك بالله فالرسول صلى الله عليه وسلم ما من خير إلا دل الأمة عليه وما من شر إلا حذرها منه، وكل ما كان الشيء أخطر كانت العناية به أعظم، فالشرك لما كان أعظم الذنوب وأظلم الظلم على الإطلاق، وهو الذنب الذي لا يغفره الله والذي حرم الله على صاحبه الجنة ومأواه النار، لما كان بهذه الخطورة حذر منه صلى الله عليه وسلم غاية التحذير ومنع من أي وسيلة تؤدى إليه كما منع من إطرائه في هذا الحديث لئلا يفضى ذلك إلى أعظم محذور، وكما لعن صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى في اتخاذهم قبور