أنبيائهم مساجد وهو في شدة المرض الذي مات فيه، كل ذلك حماية منه صلى الله عليه وسلم لجناب التوحيد وسد للطرق التي تنتهي إلى الشرك، فصلوات الله وسلامه الأتمان الأكملان على البشير النذير والسراج المنير الذي أرشد الناس إلى كل خير وحذرهم من كل شر.
٧- مدح الرسول صلى الله عليه وسلم منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم. فالمحمود هو أن يوصف بكل كمال يليق بالإنسان، فهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وأنصحهم وأخشاهم لله وأتقاهم وأفصحهم لسانا وأقواهم بيانا وأرجحهم عقلا وأكثرهم أدبا وأوفرهم حلما وأكملهم قوة وشجاعة وشفقة وأكرمهم نفسا وأعلاهم منزلة، وكل وصف هو كمال في حق الإنسان فلسيد ولد ادم صلوات الله وسلامه عليه منه القسط الأكبر والحظ الأوفر، وكل وصف يعتبر نقصا في الإنسان فهو أسلم الناس منه وأبعدهم عنه، فلقد اتصف بكل خلق كريم، وسلم من أدنى أي وصف ذميم، وحسبه شرفا قول الله تعالى فيه:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، قد والله بلغ البلاغ المبين، وأدى الأمانة على أكمل وجه، ونصح للأمة غاية النصح، ببيان ليس وراءه بيان، ونصح يفوق نصح أي إنسان، فكل ثناء على سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم من هذا القبيل فهو حق مع الحذر من تجاوز الحد والخروج عن الحق، وما أحلى وأجمل وصفه صلى الله عليه وسلم بكونه عبد الله ورسوله تحقيقا لرغبته عليه الصلاة والسلام وامتثالا لأمره في قوله في هذا الحديث (وقولوا عبد الله ورسوله) .
والمدح المذموم هو الذي يتجاوز فيه الحد ويقع به المادح في المحذور الذي لا يرضاه الله ولا رسوله يكن وذلك أن يوصف صلى الله عليه وسلم بما لا يجوز أن يوصف به إلا الله تبارك وتعالى أو أن يصرف له صلى الله عليه وسلم ما لا يستحقه إلا الباري جل وعلا. ومن ذلك بعض الأبيات التي قالها البوصيري في البردة مثل قوله:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
فهذا المعنى الذي اشتمل عليه هذا البيت لا يجوز أن يصرف لغير الله عز وجل، ولا يستحقه إلا هو وحده لا شريك له، فهو الذي يعاذ به ويلاذ به