للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويلتجأ إليه ويعتصم بحبله ويعول عليه وهو الذي قال صلى الله عليه وسلم مبينا تفضله وامتنانه على عباده وانه ما بهم من نعمة فمنه تفضلا وامتنانا "لن يدخل أحدكم بعمله الجنة، قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل"، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء كما قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} أي لا أحد سواه يكون كذلك لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا فضلا عمن سواهما. وقال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاّ إِيَّاهُ} وقال: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} والحاصل أن المدح الذي اشتمل عليه هذا البيت مدح بالباطل الذي حذر منه الرسول كل، ويكون حقا لو قال مناديا ربه:

يا خالق الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم

ومثل قوله أيضا يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:

فان من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم

وهذا لا يليق إلا بمن بيده ملكوت كل شيء سبحانه وتعالى فهو القائل عن نفسه {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} ، والقائل عنه نبيه صلى الله عليه وسلم " واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك" الحديث، فهو وحده الذي من جوده الدنيا والآخرة، وهو وحده الذي من علمه علم اللوح والقلم. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهولا يملك إلا ما أعطاه الله ولا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه عليه، وقد أمره الله أن يقول {لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} ، الآية.

وقال له {قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} ، وثبت في الصحيحين أنه عن لما نزل عليه قوله تعالى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} ، قال: "يا معشر

<<  <   >  >>