–رضي الله عنهم وأرضاهم- حفظت لنا أسماءهم الكريمة: دواوين عُنيت بهم وبأخبارهم وبسيرتهم العطرة.
أقول: إن التابعين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وإنما كان الذي وَصَلَ إليهم عنه: خبراً متواتراً، عن جمعٍ كبير هم جَمْعُ التواتر، الذين يحصل بخبرهم العلم الضروري الذي لا مناص من تصديقه، ثم انتقل ذلك إلى تبع الأتباع، فمن بعدهم، فالأجيال التالية إلى جيلنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها (١) .
ولقد استوقفني كون الحافظ رحمه الله اختار لكتابه هذا: أن يّفْتَتِحَهُ -بعد خطبته ومقدمته - بالكلام عن (الخبر) ، فصدّق ذلك عندي قولَهُ:(على ترتيب ابتكرته) ، ولو لم يكن فيه من الابتكار إلا ما قدّمتُ بَيَانَهُ: لكان ابتكارا رائعاً حَقِيقاً بالإشادة به.
والذي يظهر به هذا المعنى بجلاء: ما ذكرته من أن مبنى (علم المصطلح) على (قضية الخبر) .
هذا مع أن كلام أهل العلم وتقريرهم في ذلك واضح لا يخفى، وإنما به استنرت، وبضيائه استرشدت، وذلك بعد توفيق الله تعالى، وأذكر من أهم ذلك اقتراح العلامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة بأن يسمى علم المصلح: ((منطق
(١) كما في الحديث المتفق عليه - عند البخاري: ٦١كتاب المناقب ٢٨ باب رقم ٣٦٤٠- ومسلم - ٣٣ كتاب الإمارة، ٥٣باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة ... "، رقم ١٩٢١ ص ١٥٢٣- من حديث المغيرة بن شعبة (: "لا يزال ناس من أمتي ظاهرين؛ حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون"؛ وهذا لفظ البخاري، ورواه عدد من الصحابة رضي الله عنهم عن النبيصلى الله عليه وسلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: (تواتر عنه) ، كما في اقتضاء الصراط المستقيم ١/٦٩، وانظر لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة، الحديث رقم (٢٠) .