بالمعاينة، ولم يُبصر الحدث الواقع ولم يحضره، وحال بينه وبينه حائل المكان أو الزمان.
من ذلك أنّه لم تعلم هذه الأمة الإسلامية بأهمّ خبر فيها، على مدى أجيالها المُتتابعة- بعد جيل الصدر الأوّل جيل الصحابة رضي الله عنهم، شهود الرسالة، وحضور الوحي، وأهل العلم المباشر برسول الله صلى الله عليه وسلم وبجميع ما جاء به-؛ لم تعلم هذه الأمّة المباركة بأجيالها المذكورة: عنه صلى الله عليه وسلم إلا بعلم جاء من طريق الخبر، فالتابعون هم الذين لم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما رأوا الصحابة فأخبروهم به، بخلاف الصحابة ذوي العلم المباشر بشؤون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم شُهداؤه العدول، البررة المُزكَّون في جميع ما صحّ عنهم من النقول (١) ، وقد كانوا جمعا غفيرا
(١) من كلام الأئمة في ذلك قول أبي زرعة الرازي: ((إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدّى إلينا هذا القرآنَ والسننَ: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة)) رواه الخطيب في الكفاية ص (٩٧) .