للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما العرف الخاص بأن يقال: كان من عادة أهل الحديث أن لا يروي أحدهم عمّن لقيه، أو عمّن عاصره، أو عمّن لم يتضح عدم سماعه منه إلا ما سمعه منه. فهذا يحتاج إلى [نقلٍ]، فإن عَدَدْنا كلامَ مسلم في المقدمة نقلًا، فقد خالفه قول ابن المديني والبخاري وهما أكبر منه وأجلُّ، وأعلمُ بمذاهب المحدثين وبعلل الحديث.

نعم، ما اتفق عليه المذهبان يمكن أن يسلَّم، لذا فيقال: الثابت أنه كان من عادة المحدثين أن لا يروي أحدهم عمّن لقيه إلا ما سمعه منه، فإن بدا له أن يخبر عنه بما لم يسمعه بيَّن ذلك، كأن يقول: بلغني عن فلان.

وشذّ أفراد فكانوا يروون عمّن لقوه ما لم يسمعوا منه، ويكتفون في البيان الذي يُخرِجهم عن الكذب بأنه قد عُرِف من شأنهم ذلك، وهؤلاء هم المدلِّسون الثقات.

لكن يبقى علينا أمران:

الأول: النظر في هذه العادة متى ابتدأت، فإننا نعلم أن كثيرًا من الصحابة كانوا يحدِّثون عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بما لم يسمعوه منه، وإنما سمعوه من غيرهم من الصحابة عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -.

الثاني: أن هذا إنما ينفعنا بالنظر إلى من اشتهر بطلب الحديث، وكثرت مجالسته لأهله حتى يظهر أنه [ ... ] (١)، فيخرج المقلون، ويمكن التخلص عن هذين، كما يأتي إن شاء الله تعالى.

[ص ٨] وأما العقل: فمدخله قوي هنا، بأن يقال: الإنسان العاقل المتثبت


(١) هنا خرم في الأصل.

<<  <   >  >>