للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يثبت له سماع من فلان، ونحو ذلك، يوجد هذا في كلام أحمد وابن معين وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم.

وذلك يرد على مسلم رحمه الله ما زعمه في مقدمة صحيحه من أن قول البخاري مُحدَث، ويدل دلالة واضحة أنه كان عندهم أنه لا يكون الظاهر السماع في رواية أحدهم عمّن عاصره، ولم يتبين لقاؤه له، أو تبين لقاؤه له لُقيةً لا يتضح فيها إمكان السماع، كأن يقول: رأيته يطوف بالبيت، ونحو ذلك، وإذا كان كذلك فليس في روايته عنه ما لم يسمعه منه شبهة كذب، ولا ما يخالف الأمانةَ، وذلك أن السامع المتدبر يكون الأمر عنده على الاحتمال، فعليه أن يسأل ليتضح له الحال.

وإذا كان الأمر هكذا، فالقول بالنسبة إلى التابعين هو القول الذي زعم مسلم رحمه الله أنه محدث، وقد سبق أنه قول الأئمة أحمد ويحيى وعلي والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم ممن تجد كلامه في تراجم أصحاب القسم الثاني، وحجتهم واضحة، وبذلك يردُّ على مسلم قوله (١): "فإن كانت العلة في تضعيفِك الخبرَ وتركِك الاحتجاجَ به إمكان الإرسال فيه لزمك أن لا تُثبِت إسنادًا معنعنًا ... وذلك أن الحديث الوارد علينا بإسناد هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، فبيقينٍ نعلم أن هشامًا قد سمع من أبيه، وأن أباه قد سمع من عائشة ... وقد يجوز إذا لم يقل هشام في رواية يرويها عن أبيه: سمعت أو أخبرني أن يكون بينه وبين أبيه في تلك الرواية إنسان آخر ... وكما يمكن ذلك في هشام عن أبيه، فهو أيضًا ممكن عن أبيه عن عائشة".


(١) في مقدمة "صحيحه" (١/ ٣٠، ٣١).

<<  <   >  >>