هُوَ مُحَمَّد بن عمر بن الْحُسَيْن القرشيُّ التيميُّ البكْريُّ الطبرستاني، أَبُو الْمَعَالِي، الْمَعْرُوف بفخر الدّين الرَّازِيّ. شبَّ الرَّازِيّ على طلب الْعلم؛ فَتلقى على أَبِيه، ثمَّ على أكَابِر أهل بَلَده، قبل أَن يقوم بعدة رحلات علمية استغرقت من عمره سِنِين طَوِيلَة. وتنقل بَين كثير من بلدان مَا وَرَاء النَّهر.. طَالبا، ثمَّ معلما. وَبَقِي على هَذِه الْحَالة من الِاشْتِغَال الدَّائِم بِالْعلمِ - مِمَّا أكسبه قدرا كَبِيرا من الْمجد والاحترام وَالتَّقْدِير، وَإِن لم يخلُ بطبيعة الْحَال من بعض الأحقاد من حاسديه - حَتَّى توفّي بهراة يَوْم عيد الْفطر، الِاثْنَيْنِ من سنة ٦٠٦هـ. وَقيل: إِن الكرَّامية - أَشْرَس خصومه - سقوه السم، فَمَاتَ مِنْهُ بعد أَن كتب لأولاده وَصِيَّة مُؤثرَة، ضمَّنها خُلَاصَة تجربته، وابتهاله إِلَى الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فِي خشوعِ وسكينةِ الْمقبل عَلَيْهِ أَن يتَجَاوَز عَنهُ، ويتقبل مِنْهُ..
وَكَانَت ثقافة الرَّازِيّ موسوعية، كأتم مَا تكون الموسوعية! فقد برع فِي الْعُلُوم النقلية والعقلية والطبيعية جَمِيعًا. وصنف فِيهَا كلِّها تصانيف مفيدة، تجاوزت - على مَا ذكر ابْن السَّاعِي - مئتي مُصَنف. بَقِي مِنْهَا، مطبوعاً ومخطوطاً، قدر كَبِير يدلُّ على قامة الرَّازِيّ الباذخة فِي تَارِيخ الْمُسلمين العلمي.
وَفِي جملَة وَاحِدَة دَالَّة يصفه الدكتور محسن عبد الحميد بقوله:
((لَا أبالغ إِذا قلت: إِن الرَّازِيّ هُوَ أكبر مفكر إسلامي ظهر بعد الإِمَام الْغَزالِيّ.. غزارةَ علمٍ، وعمقَ تفكير)) (١) .
(١) انْظُر: الرَّازِيّ مفسِّراً (وَهِي رِسَالَة للدكتوراه) ، د. محسن عبد الحميد، دَار الْحُرِّيَّة للطباعة. بَغْدَاد، ط١ /١٩٧٤ م، ص ١٣: ٣٣.. وَكَذَلِكَ: الرَّازِيّ من خلال تَفْسِيره (وَهِي رِسَالَة ماجستير) ، عبد الْعَزِيز المجذوب، الدَّار الْعَرَبيَّة للْكتاب - تونس، ط ٢/ ١٩٨٠م، ص ٣٠: ٤٢