المبحث الْخَامِس: أَنْوَاع المناسبات
أَولا: المناسبات فِي الْآيَات
...
المبْحثُ الْخَامِس: أَنْوَاع المناسبات
من الْمَعْلُوم أَن تقسيمات الْعُلُوم اصطلاحية، فَرُبمَا يختزل الْبَعْض أَقسَام علمٍ مَا - وَهِي متكاثرة - فِي قسمَيْنِ أَو أَكثر، وَرُبمَا يفصِّل الْبَعْض الآخر الْأَقْسَام - وَهِي محدودة - فتغدو مُتعَدِّدَة، وعَلى كلٍّ، فَنحْن فِي هَذَا الْفَصْل سنتكلم عَن ثَلَاثَة أَنْوَاع رئيسة من المناسبات،
وَهِي: المناسبات فِي الْآيَات، وَفِي السُّورَة الْوَاحِدَة، وَفِيمَا بَين السُّور.
أَولا: المناسبات فِي الْآيَات:
سبق مَعنا فِي المبحث الأول أَن الْآيَة (مِقْدَار من الْقُرْآن مركَّب، وَلَو تَقْديرا أَو إِلْحَاقًا) وَأَن اتساق الْآيَات - فضلا عَن الْكَلِمَات والحروف - بِوَحْي وتوقيف من النَّبِي (، كَمَا أَنه مرَّ مَعنا النَّقْل عَن الشَّيْخ الْجَلِيل مُحَمَّد الطَّاهِر بن عاشور قَوْله: ((.. وَلما كَانَ يَقِين الْآيَات الَّتِي أَمر النَّبِي (بوضعها فِي أماكنها فِي مَوضِع معِين غير مروى إِلَّا فِي عددٍ قَلِيل، كَانَ حَقًا على الْمُفَسّر أَن يتطلب مناسبات لمواقع الْآيَات، مَا وجد إِلَى ذَلِك سَبِيلا، وَإِلَّا.. فليُعرِضْ عَنهُ، وَلَا يكن من المتكلفين)) (١) .. وَقد رَأينَا إِجْمَاع أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ على حُسن الْبَحْث فِي تِلْكَ المناسبات، بل وضرورته وأهميته، باستثناء مَا خَالف فِيهِ سُلْطَان الْعلمَاء وَشَيخ الْإِسْلَام الْعِزّ بن عبد السَّلَام - رَحمَه الله - وَمن قلَّده - وهم قَلِيل جدا على أَيَّة حَال! -..
والمناسبة قَائِمَة فِي الأسلوب القرآني، ومتمثلة فِي اتِّصَال كَلِمَاته
(١) التَّحْرِير والتنوير، ١/٨٠
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute