للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَكِن إِقَامَته بِالْقَاهِرَةِ لم تستمر حَتَّى النِّهَايَة، إِذْ عكَّرها حسدُ الحاسدين من أقرانه وعلماء زَمَانه - وَهُوَ الْأَمر الَّذِي شكا مِنْهُ مرَّ الشكوى فِي مُقَدّمَة كِتَابه (مصاعد النّظر) مِمَّا اضطره إِلَى الرُّجُوع إِلَى دمشق، حَيْثُ توفّي لَيْلَة السبت ١٨ من رَجَب سنة ٨٨٥هـ.

وَكَانَ البقاعي - إِلَى جَانب علمه وتبريزه فِيهِ - مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله، حَيْثُ شَارك فِي حروب الفرنجة، الَّتِي دارت رحاها بَين المماليك والصليبيين، فشارك فِي غَزْوَة رودس وقبرص، ورابط فِي دمياط.

وَكَانَ رَقِيق الْحَال، يعْمل بِيَدِهِ - حَيْثُ كَانَ حسن الْخط - ليكفي نَفسه مُؤنَة الْعَيْش، كَمَا كَانَ يقوم بتعليم الصّبيان مبادئ الْعُلُوم بِجَانِب الْقُرْآن الْكَرِيم، وَكَانَ - رَحمَه الله - يُديم الْمكْث فِي الْمَسْجِد انْقِطَاعًا عَن أهل الدُّنْيَا، وليجد فِيهِ السكن والمأوى وَالْمَكَان اللَّائِق للكتابة والدرس، وليحاول كَذَلِك الابتعاد عَن حسد حاسديه وإيذاء شانئيه.

وَقد أحَاط البقاعي بمعارف عصره، ونبغ فِي كَافَّة الْعُلُوم الَّتِي كَانَت سائدة فِيهِ، والناظر فِي تراثه - الَّذِي يُجَاوز الْخمسين مصنفاً - يدْرك بسهولة أَنه أَمَام شخصية علمية موسوعية، فَهُوَ مفسِّر، ومحدث، ومؤرخ، وأديب، وشاعر (١) .

عَظِيم عنايته بقضية التناسب:

يُعدُّ البقاعي - غيرَ منازَع - أوسع من كتب فِي تطبيق هَذَا الْعلم، وأغزرهم مَادَّة فِيهِ.


(١) اعتمدت فِي تكوين هَذِه التَّرْجَمَة على مُقَدّمَة الدكتور عبد السَّمِيع مُحَمَّد أَحْمد حسنين لتحقيقه على كتاب البقاعي (مصاعد النّظر للإشراف على مَقَاصِد السُّور) ، مكتبة المعارف - الرياض، ط ١/١٤٠٨? - ١٩٨٧م.

<<  <   >  >>