للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتاب الله - تَعَالَى - بَين آيَاته وسوره.

٢ - حدُّه: فِي اللُّغَة: الْمُنَاسبَة مَأْخُوذَة من النِّسْبَة وَالنّسب، بِمَعْنى الْقَرَابَة والنسيب الْمُنَاسب، وتتضمن معنى المقاربة والمشاكلة (١) .

وَأما فِي الِاصْطِلَاح؛ فَيمكن تَعْرِيف علم الْمُنَاسبَة بِأَنَّهُ: علمٌ يبْحَث فِي الْمعَانِي الرابطة بَين الْآيَات بَعْضهَا بِبَعْض، وَبَين السُّور بَعْضهَا بِبَعْض، حَتَّى تُعرف عللُ تَرْتِيب أَجزَاء الْقُرْآن الْكَرِيم.

٣ - مَوْضُوعه: مَوْضُوع كل علمٍ مَا يُبحث فِيهِ عَن عوارضه الذاتية، كجسم الْإِنْسَان بِالنِّسْبَةِ لعلم الطِّبّ، وَاللَّفْظ الْعَرَبِيّ بِالنِّسْبَةِ لعلم النَّحْو. وَمن هُنَا؛ فإننا ندرك أَن مَوْضُوع علم الْمُنَاسبَة هُوَ آياتُ الْقُرْآن الْكَرِيم وسوره، من حَيْثُ بَيَان اتصالها وتلاحمها، بِمَا يظْهر أَجزَاء الْكَلَام مُتَّصِلَة، آخِذا بَعْضهَا بأعناق بعض، مِمَّا يقوى بإدراكه إِدْرَاك الارتباط الْعَام بَين أَجزَاء الْكتاب الْكَرِيم، وَيصير حَال التَّأْلِيف الإلهي كَحال الْبناء الْمُحكم المتناسق الْأَجْزَاء.

٤ - حكم دراسته والاشتغال بِهِ: لَا ريب أَن إِدْرَاك إعجاز الْقُرْآن الْمجِيد وَاجِب على الْمُسلمين؛ ليقيموا الْحجَّة على حقِّية كِتَابهمْ، وَكَونه تنْزيلاً من حَكِيم حميد. وَلما كَانَ النفاذُ إِلَى أسرار الإعجاز الغامضة، ومعاني الْمُنَاسبَة العميقة، لَا يَتَأَتَّى لكل أحدٍ.. فقد صَار وَاجِبا على الْأمة أَن تنتدب إِلَى إِدْرَاك ذَلِك طَائِفَة مِنْهَا، يقومُونَ عَنْهَا بِالْوَاجِبِ الكفائي، فَإِذا قَامُوا بِهِ سقط الْإِثْم عَن الْأمة كلهَا، وَإِلَّا أصَاب الإثمُ كلَّ قادرٍ وَلم ينْهض إِلَيْهِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (التَّوْبَة /١٢٢) .


(١) أَشَارَ إِلَى هَذِه الأبيات شَارِح متن الأجرومية الْعَلامَة السَّيِّد أَحْمد زيني دحلان، ص ١، ط. مكتبة المشهد الْحُسَيْنِي.
(٢) الْقَامُوس الْمُحِيط، الفيروز آبادي، مَادَّة (نسب) .

<<  <   >  >>