للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد اختصر البقاعي كِتَابه الْكَبِير هَذَا فِي كتاب أَصْغَر مِنْهُ، سَمَّاهُ (أَدِلَّة الْبُرْهَان القويم على تناسب آي الْقُرْآن الْعَظِيم) ، وَهُوَ مخطوط حَتَّى الْآن (١) .

وثمة كتاب آخر لَهُ على جانبٍ كَبِير من الأهمية فِي هَذَا الْبَاب، وَهُوَ الْكتاب الَّذِي أَشرت إِلَيْهِ أَكثر من مرّة (مصاعد النّظر للإشراف على مَقَاصِد السُّور) ، وَالَّذِي ذكر البقاعي فِي مقدمته أَنه يصلح أَن يُسمَّى (الْمَقْصد الأسمى فِي مُطَابقَة اسْم كل سُورَة للمسمى) (٢) ، وَهِي تَسْمِيَة دَالَّة على مَوْضُوعه، وَأَنه داخلٌ دُخُولا ظَاهرا فِي بَاب الاهتمام بإبراز التناسب؛ فَهُوَ يعْمل على إِثْبَات أَن لكل سُورَة من السُّور - وَإِن كَانَت فِي غَايَة الوجازة وَالْقصر - مقصداً وَاحِدًا يدار عَلَيْهِ أَولهَا وَآخِرهَا، ويُستدل عَلَيْهِ فِيهَا، فرتَّب الْمُقدمَات الدَّالَّة عَلَيْهِ، وَإِذا كَانَ فِيهَا شئ يحْتَاج إِلَى دَلِيل؛ اسْتدلَّ عَلَيْهِ.. وَهَكَذَا حَتَّى تبدو السُّورَة للنَّاظِر إِلَيْهَا ((كالشجرة النضيرة الْعَالِيَة، والدوحة البهيجة الأنيقة الحالية (...) ، وأفنانها منعطفة إِلَى تِلْكَ المقاطع كالدوائر، وكل دَائِرَة مِنْهَا لَهَا شُعبة مُتَّصِلَة بِمَا قبلهَا، وشُعبة ملتحمة بِمَا بعْدهَا (...) ؛ فَصَارَت كل سُورَة دَائِرَة كبرى، مُشْتَمِلَة على دوائر الْآيَات الغُرِّ، البديعة النّظم، العجيبة الضَّم، بلين تعاطُف أفنانها، وحُسن تواصل ثمارها وَأَغْصَانهَا {)) (٣) .

وَهَذَا الْبَاب من التناسب أدق وأغمض من غَيره، وَقد حاول فِيهِ البقاعي بِقدر طاقته، وَلَكِن حَسبه فتحُ مجَال القَوْل فِي هَذِه الدقائق اللطيفة، الَّتِي مَا تزَال تنْتَظر من يشفي القَوْل فِيهَا}


(١) انْظُر مُقَدّمَة د. عبد السَّمِيع حسنين لتحقيقه على مصاعد النّظر: ١/٥٧
(٢) مصاعد النّظر، ١/٩٨
(٣) السَّابِق، ١ / ١٤٩

<<  <   >  >>