للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُنظر فِي عدَّة مسَائِل، مِنْهَا: مُنَاسبَة آيَات السُّورَة بَعْضهَا لبَعض، ومناسبة خاتمتها لفاتحتها، ومناسبة تَسْمِيَتهَا لموضوعها، ومناسبة موضوعاتها المتنوعة لمحورها الْعَام وغرضها الرئيس.

وَفِيمَا يتَعَلَّق بثانيتها، ينظر فِي عدَّة مسَائِل أَيْضا، مِنْهَا: الْمُنَاسبَة اللفظية بَين السُّور، والمناسبة الموضوعية، ومناسبة الفواتح والخواتم فِيمَا بَينهَا.

٨ - وَاضعه: ثمَّة إشارات قَوِيَّة فِي تراثنا تُشِير إِلَى أَن السَّابِقين من أهل الصَّدْر الأول من الصَّحَابَة وكبار التَّابِعين كَانُوا يعْرفُونَ أَمر الْمُنَاسبَة، ويهتمون بهَا فِي كتاب الله - تَعَالَى -، بِمَا فِي سليقتهم من أفانين الْعَرَبيَّة، ودقة إدراكهم لمرامي الْكتاب الْعَزِيز.. وَقد نقل البقاعي - رَحمَه الله - بعض الْآثَار الدَّالَّة على ذَلِك (١) .. فَمِنْهَا مَا روى عبد الرَّزَّاق بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: ((إِذا سَأَلَ أحدكُم صَاحبه كَيفَ يقْرَأ آيَة كَذَا وَكَذَا، فليسله عَمَّا قبلهَا)) (٢) ، فِي إِشَارَة مِنْهُ إِلَى أَن مَا قبلهَا يدلُّه على تَحْدِيد لَفظهَا، بِمَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْمُنَاسبَة.

وَمِنْهَا مَا رُوي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه حدَّث أَن قوما يدْخلُونَ النَّار ثمَّ يخرجُون مِنْهَا، فَقَالُوا لَهُ: أوليس الله تَعَالَى يَقُول: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (الْمَائِدَة /٣٧) فَقَالَ لَهُم أَبُو سعيد: اقرؤوا مَا فَوْقهَا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (الْمَائِدَة /٣٦) (٣) .. وَفِيه


(١) انظرها فِي: مصاعد النّظر، ١/١٥٤، ١٥٥.
(٢) مُصَنف عبد الرَّزَّاق (٥٩٨٨) .
(٣) أخرجه ابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم فِيمَا ذكر ابْن كثير فِي (تَفْسِيره) عِنْد تَفْسِير الْآيَتَيْنِ (٣٦) و (٣٧) من سُورَة الْمَائِدَة، وَلَكِن من حَدِيث جَابر بن عبد الله.
(٤) أخرجه ابْن أبي شيبَة ٧/٢٣١، وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية ٢/٢٩٢.

<<  <   >  >>