فهناك من يدين الآن بدين النصارى، ولا شك أن الدين المسيحي كان ديناً سماوياً، ولكنه مؤقت، حيث إن المسيح بن مريم عليه السلام رسالته مؤقتة بنبوة وبإرسال محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي بشر به في قوله:(ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) . وقد أخذ الله الميثاق عليه، بل وعلى كل الأنبياء أن يتبعوا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى:(وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) . قال ابن عباس:"ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد وهم أحياء أن يتبعوه ويؤمنوا به وينصروه". وثبت أيضاً أن دين النبي موسى الذي يدين به أتباعه من اليهود سابقاً كان ديناً سماوياً اختاره الله وفضله في ذلك الوقت لكنه مؤقت أيضاً بإرسال هذا الرسول النبي الكريم فثبت أن ذلك الدين منسوخ منذ أن بعث محمد، مع أن تلك الأديان التي هو دين اليهودية والنصرانية قد دخلها بعد أنبيائهم الكثير من التحريف والتغيير والتبديل. وما ذاك إلا أن الله تعالى استحفظهم كتبها ومراجعها، وتضمن حفظ شريعتنا بنفسه، فقال تعالى:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) . فتكفل الله بحفظ هذه الشريعة أن يدخلها شيء من الزيادة والتغيير. وأما الشرائع التي قبلها فكان حفظها إلى أولئك الحملة، كما في قوله تعالى:(بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) ، فجعلهم وكلاء على حفظه، ولم يتكفل بحفظه، فكان ذلك سبباً في وقوع تلك التحاريف والتغييرات والتبديلات في الشرائع السماوية مما جعلها غير ملائمة ومناسبة.
وبعد أن بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكمل الله له هذا الدين وأصبح الدين الباقي، أصبح الدين السماوي الذي لا يلائم العباد سواه.