الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وبعد:
فلا شك أن النكاح الشرعي من ضرورات هذه الحياة لما فيه من المصالح العامة والخاصة، ثم إن الله تعالى أباح الطلاق الذي هو حل لعقدة النكاح وذلك عندما تسوء العشرة ويشتد الخلاف ويحصل الضرر من هذا الاجتماع على الطرفين أو على أحدهما، ومع إباحته فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أبغض الحلال إلى الله ولعل ذلك لما فيه من فك رباط الزوجية وتحريم الحلال وتفريق الأسر ووقوع العداوة والبغضاء بين الزوجين وأهليهما فلأجل ذلك جاء الشرع بتضييق الطريق التي تؤدي إلى الطلاق وشرع من العلاج للصلح والألفة والمحبة ما عرف به كراهيته الطلاق والمنع منه إلا في الحالات الحرجة التي لا يطاق معها التحمل والصبر، وقد أمر الله بالعلاج مع المرأة عندما يبدو منها بعض المقت أو الكراهية في قوله تعالى:(واللآّتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن)(النساء:٣٤) ، فإذا رأى الرجل من زوجته تكرهاً أو تثاقلاً عند حاجته أو عصياناً أو بذاءة لسان وخاف منها النشوز وهو الخروج عن الطاعة بدأ بوعظها وتخويفها وتحذيرها من غضب الله وسخطه وعقابه وذكرها بحق الزوج وما ورد فيه من الأدلة وعظم حقه عليها، فإن انصاعت وارتدعت اكتفى بذلك وعادت الألفة بينهما، فإن لم تتأثر وبقيت على العصيان والتمادي في النشوز هجرها في الكلام ثلاثة أيام وفي المضجع بأن يوليها دبره رجاء أن تتوب وتترك المخالفة والمعصية، ثم إن لم يؤثر ذلك فيها ضربها ولكن ضرباً غير مبرح أي غير شديد وذلك لتأديبها وزجرها عن النشوز، ثم إذا تأزمت الأمور واشتد الخلاف فإن القاضي يبعث حكمين من أهله وأهلها ليصلحا بينهما فإن لم يقبلا فلا بد من الفراق بعد أن يؤمر كل منهما أن يتنازل عن بعض حقه وأن يعتبر نفسه هو المخطئ