ولعل هذا التعريف أسلم، ولكن الحمد لا يستلزم أن تذكر المحاسن كلها، ولكن إنما يحمد حمداً مطلقاً، فتقول: الحمد لله، ولو لم تذكر محاسنه التي حمدته عليها، فقولهم: ذكر محاسن المحمود، كأنهم يقولون: إن ذلك على وجه الإجمال، نحمده أي نذكر محاسنه سواء بالقلب أو باللسان، فمثلاً في أول سورة الفاتحة ابتدأها الله بقوله تعالى:(الحمد لله رب العالمين)(الفاتحة:١) هذا من محاسنه (الرحمن الرحيم)(الفاتحة:٢) هذا من محاسنه (مالك يوم الدين)(الفاتحة:٣) هذا من محاسنه، وكذلك في سورة الأنعام:(الحمد لله الذي خلق السموات والأرض)(الأنعام:١) ، هذا من محاسنه، وفي أول سورة الكهف (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب)(الكهف:١) هذا من محاسنه، (ولم يجعل له عوجاً)(الكهف:١) هذا من محاسنه، وأشباه ذلك.
والحمد هو ذكر محاسن المحمود وذكر فضائله، وذكر صفاته الحميدة مع حبه وتعظيمه وإجلاله، أي إن الحمد يستدعي من الحامد هذه الثلاثة: الحب، والتعظيم، والإجلال.
فهذان التعريفان اصطلاحيان للحمد، ولا شك أنه سبحانه أهل الحمد كما شرع ذلك في الصلاة، فالمصلي إذا رفع من الركوع يقول الإمام: سمع الله لمن حمده، والمأمومون والإمام كلهم يحمدون الله، ويقولون:(ربنا ولك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) كل ذلك في صفة الحمد.