تقدم ذكر ترتيب الخلفاء رضي الله عنهم، أولاً: ترتيبهم في الفضل، وثانياً: ترتيبهم في الخلافة، والصحيح أن ترتيبهم في الفضل وترتيبهم في الخلافة على حد سواء.
فالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر، وأفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر فصار أبو بكر هو الأفضل وهو الخليفة. وأفضل الأمة بعد أبي بكر: عمر؛ فقد حاز الفضل بعد أبي بكر -الفضل بمعنى الرتبة والميزة والفضيلة والشرف والأجر على قدر عمله، ولو كان هناك من أسلم قبله. فإن عثمان أسلم قبل عمر وكذلك علي أسلم قبل عمر، والزبير وسعد وغيرهم أسلموا قبله، ولكن إسلامه كان فتحاً ونصراً، وخلافته كانت عزاً للإسلام وتمكيناً له.
والأحاديث التي وردت في فضله لم ترد في غيره، منها قوله صلى الله عليه وسلم:(ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً الأسلك فجا غير فجك) يعني أن الشيطان يهرب منه، وفضائله أيضاً كثيرة. فأفضل الأمة بعد أبي بكر عمر، وهو أحق الناس بالخلافة بعد أبي بكر، أو الخلافة الصحيحة بعد أبي بكر خلافة عمر. واقتنع به المسلمون وبايعوه، وتمت البيعة ولم يشذ أحدٌ عن طاعته أو ينكر عليه أو يخرج عن طاعته، وسيرته تدل على أهليته وصلاحه رضي الله عنه.
ثم الخليفة بعد عمر عثمان -كما هو الواقع- وذلك لأن عمر رضي الله عنه جعله من أهل الشورى، وأهل الشورى اتفقوا على تقديمه، وتمت البيعة له، وبايعه علي، وبايعه عبد الرحمن، وسعد، والزبير، وسائر الصحابة وسائر المسلمين، وتمت الخلافة له. إذاً فالخليفة بعد عمر عثمان- رضي الله عنه.
وهل الأفضل بعد عمر -عثمان أو علي؟ فيه خلاف بين العلماء، وسبب الخلاف أن هناك من فضل عثمان على علي؛ واستدل بحديث ابن عمر الذي يقول فيه:(كنا نقول والنبي صلى الله عليه وسلم حي: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان فيبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره) وجاء الحديث أنه يلي عمر في الأفضلية.