في هذه الفقرة من المتن تزكية لهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، ورد بليغ على من طعن فيهم أو ضللهم -كما ذكرنا عن الرافضة- وقد ذكر شارح الطحاوية أن الرافضة يكرهون اسم العشرة ولا يحبونه، وذلك لأن هؤلاء العشرة عندهم كفار أو ضلال باستثناء علي رضي الله عنه؛ فلأجل ذلك لا يحبون لفظ العشرة، مما يدل على أنهم كفروا جُلَّ الصحابة وما استثنوا منهم إلا أفراداً قليلين.
ولكن رد عليهم شارح الطحاوية مبيناً تناقضهم؛ فذكر أنهم لا يكفرون العشرة إنما يكفرون تسعة منهم، فهم لا يكرهون لفظ التسعة وإنما يكرهون لفظ العشرة، ومع ذلك يُخرجون علياً من هؤلاء العشرة فلا يبقى عندهم إلا التسعة الباقون.
هؤلاء العشرة ثبت فيهم الحديث الذي ساقه ابن قدامة رحمه الله، ورواه الإمام أحمد وغيره عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل -وهو أحد العشرة وهو ابن عم عمر بن الخطاب، فعمر هو: عمر بن الخطاب بن نفيل ابن عم زيد بن عمرو بن نفيل- أبو سعيد هذا.
فهؤلاء العشرة من المهاجرين، ومن أشراف قريش ومن مشاهيرهم، وليسوا كلهم من أهل البيت الذين اصطلح الرافضة على أنهم أهل البيت، إذ للرافضة اصطلاح خاص بأهل البيت غير ما هو مقرر عند أهل السنة، فنساء النبي صلى الله عليه وسلم -مثلاً- عندهم لسن من أهل البيت، وعمه العباس وذريته عندهم ليسوا من أهل البيت، مع أن العباس أقرب من علي. وكذلك جعفر وذريته ليسوا من أهل البيت، فأهل البيت عندهم فقط علي والحسن والحسين وذريتهما.
والحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لهؤلاء العشرة بالجنّة؛ الأربعة الخلفاء والستة الباقون منهم، وقد نظمهم ابن أبي داود في قصيدته المشهورة في قوله:
سعيدٌ وسعدٌ وابن عوفٍ وطلحةٌ وعامرُ فهر والزبير الممدَّحُ
يعني الستة:
فسعيد: هو ابن زيد بن عمرو بن نفيل، وهو راوي الحديث.