كذلك أيضاً؛ لما اشتهر بشر المريسي بقوله: إن القرآن مخلوق -رأى بعض العلماء أن يخاصموه كما في رسالة (الحيدة) لعبد العزيز الكناني، الذي أعلن مخاصمته له؛ وذلك لأنه أراد أن يظهر نفسه حتى يجتمع مع ذلك المبتدع، فجمعهما الخليفة، وتخاصما بقوة وبجدل، وكان الظهور للكناني رحمه الله، وانقطع بشر ولم يكن معه جواب كاف لإقناع هذا العالم، ثم كتب الكناني تلك المناظرة التي حدثت بينه وبين بشر في هذه الرسالة التي اسمها (الحيدة) وهي رسالة مطبوعة الآن.
ثم تتلمذ على المريسي رجل حنفي ولكنه مبتدع، وهو محمد ابن شجاع الثلجي، ولكنه يخفي ابتداعه، كتب رسالة في عقيدة (بشر) ولم يذكر اسمه، ولكنه معروف، تولى الرد عليها ومناقشتها عالم جليل من علماء أهل السنة وهو عثمان بن سعيد الدارمي في رده المشهور المطبوع باسم (رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد) .
ومع الأسف فقد كتب زاهد الكوثري رسالة في ترجمة الثلجي، وأثنى عليه وبالغ في الثناء عليه لأنه حنفي، ولم يتعرض لشيء من القدح فيه مع أنه معتزلي جهمي!
فهؤلاء العلماء رأوا أن المجادلة أفضل، لكن هناك من يرى تركها أصلاً، فقد ذكر ابن بطة في كتابه (الإبانة الكبرى) آثاراً كثيرة في النهي عن مجادلة ومخاصمة المبتدعة، والتحذير من مجالستهم ومخاصمتهم ومناظرتهم، وأن في ذلك السلامة، وأن في تركهم والبعد عنهم إهانتهم، وإماتة أقوالهم، ولكن رأى الكثير من العلماء أنه لابد من مناقشتهم حتى يظهر الحق ويستبين.
ووقع لشيخ الإسلام ابن تيمية مناظرات مع الأشاعرة -في زمانه-ومع الصوفية في مصر، ومع كثير من المبتدعة كالبطائحية، لأنه رأى أن ذلك من الضروري حتى يقطع شبههم، لأنهم يشبهون على الناس.