وهكذا أيضاً قبل مائة وخمسين سنة في الحرم المكي، كان فيه أربع مقامات، فالمقام الحنفي في الجانب الشمالي يصلى فيه الإمام الحنفي والمقام المالكي في الجانب الغربي يصلي فيه الإمام المالكي، والمقام الشافعي في الجانب الجنوبي يصلي فيه الإمام الشافعي، والمقام الحنبلي بالجانب الشرقي في مقام إبراهيم يصلي فيه الإمام الحنبلي، فتقام الصلاة في المسجد الحرام أربع مرات أو يصلي فيه أربعة أئمة! هذا لا شك أنه تعصب مذموم.
ومع الأسف ذكر لنا أن كثيراً من المبتدعة يعيدون الصلاة إذا صلوا خلف إمام الحرم الموجود الآن؛ يقولون: هذا وهابي مبتدع ضال. ولكن هؤلاء ما ضللوه لأجل أنه حنبلي، وإنما من أجل أنه وهابي كما يزعمون.
نحن نقول: الأئمة رحمهم الله مجتهدون ومذاهبهم معترف بها واتفاقهم حجة قاطعة وإجماعهم دليل قوي، واختلافهم رحمة وفيه سعة.
ذكر أن رجلاً جاء إلى الإمام أحمد وقد كتب كتاباً سماه (الاختلاف) قال فيه مثلاً: اختلفوا في المسألة الفلانية فقال الشافعي: كذا، وقال الثوري: كذا، وقال الليث: كذا، وقال مالك: كذا. فسماه (الاختلاف) فأنكر عليه أحمد وقال: لا تسمه بالاختلاف بل سمه بالسعة. يعني إن هذا الاختلاف توسعة على المسلمين حتى إذا عمل أحدهم بهذا القول، وعمل الثاني بهذا القول كان كل منهم على خير.
فهذا ما يتعلق بهذه المذاهب، وهي المذاهب المتبعة، ومن ظهر له الحق في غير مذهبه، فلا ضير عليه أن يتبع الحق ولو خالف مذهب إمامه.. والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الخاتمة
أحمد ربي وأشكره، وأثني عليه وأستغفره، وأعترف بفضله ولا أكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله؛ خلق كل شيء فأحكمه ودبره، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ ما أوحي إليه وفسره صلى الله عليه وسلم وعلى آله، ومن اقتفى أثره: