لفحها، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار؛ كان يسرق الحاج بمحجنه فإن فطن له قال: إنما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به، ورأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعاً، ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل، فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه" وفي حديث أسماء بنت أبي بكر في الصحيحين (صحيح مسلم:٣/٣٢، وصحيح البخاري:٢/٤٦) قالت: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد، ما من شيء لم أكن رأيته إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، وأنه قد أوحي إليّ أنكم تفتنون في القبور قريباً من فتنة المسيح الدجال؛ فيؤتي أحدكم فيقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وأطعنا، فيقال له: نَمْ، قد كنا نعلم أنك لتؤمن به فَنَمْ صالحاً؛ وأما المنافق فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت". ونحو ذلك من التعليمات التي ذكرت في هذه الأحاديث وفيها أنه خطب وأنه حمد الله وأثنى عليه وأنه أفادهم بهذه الفوائد نقل هذا بعضها وهذا بعضها، وقد استدل به على أن المصلي بالجماعة يخطبهم بما يفيدهم، وقيل: إنه لا يخطب وإنما يذكرهم ويعلمهم أحكام الكسوف وما حصل فيه، ويذكر بعض ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من هذه التعليمات وإن لم يصعد منبراً وإن لم يقف أمام المصلين كما في خطبة العيدين؛ فيحصل بذلك الإفادة والتعليم والتحذير من المعاصي ونحوها.