وكذلك السلامة من العلة، والمعلول هو: ما فيه علة خفية قادحة، فقد يطلع أحد العلماء على خطأ من أحد الرواة، كأن يقلب الحديث، أو يرويه بالمعنى، أو يرفعه وهو موقوف، أو يصله وهو منقطع أو ما أشبه ذلك فيطلع النقاد من أهل الحديث على أن فيه علة، وأنها قد خفيت على أكثر المحدثين، لكون ظاهر الإسناد الصحة، ولكن بالتتبع وبمقابلته بالأحاديث الأخرى وجد أن فيه علة خفية قادحة، ويسمى هذا بالمعلول، وقد ألف فيه تآليف كثيرة، مثل كتاب (العلل) لابن أبي حاتم في مجلدين بلغت أحاديثه التي فيها علل ألفين وثمانمائة وأربعين حديثاً، رتبها على ترتيب أحاديث الأحكام من الطهارة إلى آخره، مقتصراً على الأحاديث التي فيها علل، ويعتمد غالباً في أخذ العلة على أبيه؛ لأنه كان من فرسان المحدثين، وعلى ابن عم أبيه وهو أبو زرعة الرازي، وكان من أهل العلم بالرجال، ومن أهل العلم بالعلل، وقد أكثر فيه من الأمثلة، وتوسع حتى أدخل أحاديث صحيحة علتها تكون بنسبة يسيرة.
ومثله وأوسع منه (العلل) للدارقطني فإنه قد توسع حتى علل أحاديث موجودة في الصحيحين، أو في أحدهما! وكتابه أوسع من غيره، وقد طُبع منه عشرة أجزاء وفيها ٢٠٨٣ حديثاً.
وبالجملة قلَّ أن يكون الإنسان راوياً للكثير إلا ويقع في شيء من الخطأ، فيعتبره بعض الناس حديثاً صحيحاً. وهو خطأ.
قوله:(يرويه عدل ضابط عن مثله) العدل الضابط المراد به الراوي، ولابد في الراوي من وصفين: العدالة، والضبط.
والعدالة ما هي؟ معلوم أنها تشترط العدالة في الشاهد مثلاً في المحاكم لقوله تعالى:(وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم)(الطلاق:٢) . فكذلك العدالة في رواي الحديث، أي: لابد فيه من اعتبار العدالة.