أما بالنسبة إلى السنة، فإن السنة - التي هي الأحاديث النبوية - تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه، وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبين هذا القرآن، فقال له:{وأنزل إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}[النحل: ٤٤] ، وقد بينه صلى الله عليه وسلم بأقواله وبأفعاله، وكذلك بين الشريعة التي أرسل بها، وقد وفق الله تعالى صدر هذه الأمة للعناية بكلام النبي صلى الله عليه وسلم فنقلوه نقلا ثابتا، ثم كتبوه في مؤلفات، وبينوه، وتكلموا على صحيحه وما ليس بصحيح، وما هو حسن، وما يعمل به وما لا يعمل به، وشرحوه أيضا، وشرحوا غريبه، وتكلموا على أسانيده.. فأصبحت السنة محفوظة، لأن حفظها من تمام حفظ الشريعة التي شرعها الله تعالى.
فنقول أيضا: إن على طالب العلم أن يهتم بحفظ السنة، أو بقراءة ما تيسر منها، فإن فيها علما جما، علما نافعا، وحيث أن الكتب كثيرة قد لا يسمح الوقت لكي يقرأها طالب العلم كلها، فإن عليه أن يهتم بمبادئها، فإن أصح الكتب صحيح البخاري ثم مسلم، ولطول الكتابين يشق قراءتهما في وقت قصير، فلذلك يسر الله تعالى من العلماء من اختصر الصحيحين، فهناك كتاب " اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان "، وفي الإمكان أن يستفيد منه ويعرف الأحاديث الصحيحة التي اتفق عليها البخاري ومسلم، وإذا أراد مختصر واحد منهما وجده فيستفيد منه، وإذا أراد نبذا من هذين الصحيحين وجد أيضا مختصرات، وكذلك أيضا إذا أراد شروحا وجد شروحا توضح المعاني والألفاظ..
كذلك أيضا أقوال الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم -، وذلك لأن الصحابة تعلموا من نبيهم صلى الله عليه وسلم، والتابعون تعلموا من الصحابة؛ فلذلك تعتبر أقوالهم، وتعتبر أحكامهم وتفاسيرهم من السنة، من تعلمها فإنه على هدى، وقد يسر الله تعالى من حفظ أقوالهم ورواها بالأسانيد، واعتبروها من السنة، واعتبروها من الشريعة، فمن طلبها وجدها.