رابعا: إذا نويت حمل هذا العلم الذي هو علم الكتاب والسنة، لتبلغ من يجهل من أهلك وأقاربك وغيرهم ما يجهلونه، فقد ورد في الحديث " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين "(١) . ففي هذا أن حملة العلم هم أهل العدالة، فالذي ينبغي أن يكون من هؤلاء العدول نية صالحة، نية صادقة، وهكذا تكون المقاصد.
هكذا ذكرنا أربعة أسباب تكون بها نية الإنسان صالحة، وأربعة تكون بها نيته فاسدة.
كيفية طلب العلم:
بعد ذلك كيفية التعلم والآداب التي يحصل بها على العلم.. فقد يقول قائل إن التعلم خاص بالصغار وأن الإنسان إذا أسنَّ فاته سن التعلم، وأنا قد كبرتُ، وقد طعنتُ في السن، فكيف أحصل على العلم؟
فنقول إن الإنسان يتعلم ولو بلغ الستين أو السبعين، فإن باب العلم مفتوح ووسائله مهيأة، وليس هناك عوائق، ونعرف أن كثيرا من الصحابة أسلموا وهم كبار السن، منهم ابن الستين وابن السبعين سنة ومع ذلك تعلموا، وكذلك التابعون الذين دخلوا في الإسلام وقد أسنوا، تعلموا وأصبحوا حفظة وعلماء ورواة.. لا شك أن هذا ليس عذرا أن يكون الإنسان قد تجاوز السن الذي يتعلم فيه فيترك التعلم.
فللعلم آداب، ونذكر بعض تلك الآداب التي تكون وسيلة لذلك:
أولا: إحضار القلب عند التعلم، فإن الكثير الذين يحضرون مجالس العلم والقلب غافل يجول في الشهوات، أو كذلك يحضرون خطب الجمع وأحدهم ناعس أو يوسوس في أمور بعيدة، فإنه لا يستفيد من الخطب، ولا يستفيد من التعلم ولا من الحلقات العلمية، فلا يكون بذلك مستفيدا، فلا بد أن تحضر قلبك ولبك.
(١) أخرجه ابن عدي في الكامل ١/١٤٦، وابن عبد البر في التمهيد ١/٥٩، من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.. وانظر الكلام على الحديث في فتح المغيث ٢/١٤.