أكثر العلماء على أنها تبدأ من أول حدث بعد اللبس، ولا يحتسب بالمسح قبل اللبس؛ فمثلا: لو لبسهما متطهراً وقت الظهر، ولم يحدث إلا بعد صلاة العشاء في نصف الليل، ابتدأ المدة من الحدث الذي هو نصف الليل من القابلة، ولا يحتسب بنصف النهار قبل الحدث، وهو قول الشافعي. قال النووي في "شرح مسلم": ومذهب الشافعي وكثيرين أن ابتداء المدة من حيث الحدث بعد لبس الخف لا من حين المسح أ. هـ. وقال صاحب "الشرح الكبير على المقنع": ظاهر المذهب ابتداء المدة من الحدث بعد اللبس، وهذا قول الثوري والشافعي وأصحاب الرأي ثم ذكر الرواية الثانية، ثم قال: ووجه الرواية الأولى ما نقله القاسم بن زكريا المطرز في حديث صفوان: "من الحدث إلى الحدث"، ولأنها عبادة مؤقتة، فاعتبر أول وقتها من حين جواز فعلها كالصلاة أ. هـ، وهكذا علل الزركشي في "شرح الخرقي"، واستدل أيضاً بقول صفوان: أمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثاً من غائط وبول ونوم. قال: ومقتضاه أنها تنزع لثلاث يمضين من ذلك، وفيه بحث أ. هـ.
وهذا أشهر الروايتين واختيار الأصحاب وهناك رواية ثانية أن ابتداء المدة من المسح بعد الحدث لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:"يمسح المسافر ثلاثاً". ولو كان أوله الحدث، لم يتصور ذلك، إذ الحدث لا بد أن يسبقه المسح، وهو محمول على وقت جواز المسح، ويجوز أن يكون أراد بالخبر استباحة المسح دون فعله، فعلى هذا يمكن المقيم أن يصلي بالمسح ست صلوات، بأن يؤخر الظهر، فيصليها بعد الحدث، ثم في الثاني يصليها في أول وقتها قبل تمام المدة، والله أعلم.