وكانت طريقتي في ذلك، أن أكتفي إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما، إذ أن المقصود من التخريج معرفة ما إذا كان الحديث صحيحاً أم لا، أما إذا كان الحديث في غير الصحيحين فإني أتوسع إلى حدّ ما في التخريج، مع التعقيب عليه غالباً بما يناسب، وقد يُلاحظُ أن بعض الأحاديث أو الآثار قد توسعت في تخريجها، والبعضُ أقل من ذلك، وأعزو هذا إلى أنني ما كنت أعمل في هذه الرسالة في مدة مُتقاربة، بل كانت المدة متباعدة ففي وقت تكون الأمور مهيأة، والنفس مُرتاحة، وفي أوقات أخرى تكون النفس مشغولة فلذا لم أضع منهجاً موحداً أسير عليه فلينتبه.
وهذه الرسالة كانت لدي منذ سنتين أو أكثر، وكنت أعمل فيها بين وقت وآخر نظراً لارتباطات أخرى، ولما دخل شهر شعبان هذا العام ١٤١٣هـ، رغب بعض المحبين وألح علي أن أنجزها -على ما بها من تقصير على أن أستدرك ذلك في طبعة قادمة بعون الله- وذلك لحاجة الناس لمثلها، ولتكون عوناً للسائلين وتبصرة للسالكين، فأجبته لذلك.
وإنني هنا أدعو إخوان الهدى، وخلان الود والوفاء، أن يغضوا الطرف عن التقصير، لأنه قلما يخلو عمل من الهفوات والعثرات، وأطلب منهم أن ينظروا في عملي في هذا الكتاب بعين الرضا والقبول، وأن يسددوا ويقاربوا ورحم الله الحريري حيث قال:
وإن تجد عيباً فسد الخللا قد جل من لا عيب فيه وعلا
ورحم الله من قدم النصيحة لأخيه، وسدد وقارب وأسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، هو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله خير الآل، وأصحابه والتابعين لهم بإحسان بالغدو والآصال.