هنالك -أحسن الله إليكم- سنة قد تهاون فيها أكثر الناس، ألا وهي سنة الاعتكاف فما توجيهكم؟ وما شروط الاعتكاف؟ وما يجوز وما لا يجوز؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف؟ وأين يكون؟
الجواب:-
الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله، وهو سنة مؤكَّدة في كل زمان، وتتأكَّد في العشر الأواخر من رمضان، كما روت عائشة -رضي الله عنها-: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفّاه الله -عز وجل-، ثم اعتكف أزواجه من بعده.
وروى البخاري عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعتكف في كل رمضان عشرة أيّام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً.
قال ابن رجب في اللطائف: "وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف في العشر قطعاً لأشغاله، وتفريغاً لباله، وتخلياً لمناجاة ربه، وذكره ودعائه، وكان يحتجر حصيراً يتخلى فيها من الناس". ولهذا ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم، أو إقراء قرآن؛ بل الأفضل له الانفراد بنفسه، وهو الخلوة الشرعية لهذه الأمة، وإنما كان في المساجد لأن لا يترك به الجمعة والجماعات.
فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقبله وقالبه على ربه، وما يقرْبه منه، فما بقي له همّ سوى الله وما يرضيه عنه، فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة والمحبة له، والأنس به، أورثت صاحبها الانقطاع إليه بالكليّة على كل حال". اهـ.
ولا يصحّ الاعتكاف إلا بشروط:
(الأول) : النية، لحديث:"إنّما الأعمال بالنيات".
(الثانية) : أن يكون في مسجد، لقوله تعالى:(وأنتم عاكفون في المساجد) . وكان صلى الله عليه وسلم، يعتكف في مسجده.