وقالوا أيضاً أنها من جملة الأموال فتدخل في قوله:(وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)(الذاريات:١٠) . وتدخل في قول:(خذ من أموالهم صدقة)(التوبة:١٠٣) . وأيضاً تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم:"تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم". فإن أكثر الذين يزرعون هذه البقول يبيعون منها بكميات طائلة، فيبيعون مثلاً من البطيخ بعشرات الألوف بأنواعه، ويبيعون أيضاً من الفواكه كالرمان والخوخ والمشمش وغير ذلك، بكميات كثيرة، فإذا أسقطنا منها الزكاة فقد أسقطنا حقاً للفقراء مذكوراً في هذه الآية:(والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)(المعارج:٢٥) . وهذا وجه من أوجه الزكاة في كل خارج من الأرض، حتى أوجبوها أيضاً في الخضار إما منها أو من قيمتها، الخضروات التي تطبخ وتؤكل مثل الباذنجان، والبطاطا، أو تؤكل بدون طبخ مثل الخيار والجزر. قالوا: إنها كلها من جملة الخارج من الأرض فتؤدى زكاتها.
القول الثاني: أن الزكاة لا تخرج إلا مما يكال ومما يدخر، وقولنا يكال: يعني يعبر بالوزن أو بالمكيال، فجعلوا الكيل والوزن والادخار هو السبب. والادخار معناه: الاحتفاظ بها في المآل بحيث ينتفع بها في الحال وفي المآل.
فمثلاً التمور تكال وتدخر، فتؤكل في الحال رطباً ويمكن أن تصير تمراً ويجفف ويكنز ويخزن وينتفع به، فهي على ذلك مال زكوي.
وهكذا الزبيب، وهو العنب فيؤكل عنباً رطباً، ويترك في شجره حتى يصير زبيباً، ثم بعد ذلك يجفف ويدخر ويؤكل وينتفع به، فهو مال زكوي.
كذلك الحبوب بأنواعها، سواء كانت قوتاً كالبر، والأرز، والدخن، والشعير، والذرة، أو لم تكن قوتاً ولكنها تكال وتدخر كالحبة السوداء، والرشاد، والحلبة، وكذلك الحبوب الأخرى مثل القهوة، والهيل، والقرنفل، والزنجبيل، وأشباهها. هذه كلها تدخر وينتفع بها في الحال وفي المآل. أما إذا كانت تفسد إذا خزنت كالبصل نحوه فلا تخرج منه الزكاة على هذا القول.