كذلك أيضاً كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثُ لأصحاب الأموال من يجمع الزكاة منهم فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عمر على الزكاة - أي زكاة أهل المدينة- فجاء في الحديث: منعَ ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب، وهؤلاء ليسوا أصحاب حُرُوث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما ينقم ابن جميل إلا إنه كان فقيراً فأغناه الله". والغالب أن من كان فقيراً واستغنى فالغالب أنه استغنى بسبب التجارة، ثم قال:"وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، إنه قد احتبس أدراعه وأعتُدَه في سبيل الله. وأما العباس فعمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي علي ومثلها معها" كل هؤلاء ما عندهم إلا التجارة، لكن خالداً عنده سيوف ودروع ورماح وخناجر قد جعلها وقفاً لقتال المشركين، وليس عنده شيء يزكيه، وما عنده لم يعرضه للبيع، إنما أوقفها واحتبس أدراعه وأعتاده وخيله ونحوها في سبيل الله لم يجعلها تجارة فاعتذر عنه.
وأما العباس فكان أيضاً يتعاطى التجارة ولمّا هاجر إلى المدينة لم يكن عنده إلا التجارة، لم يكن صاحب ماشية ولا صاحب بستان ما عنده إلا التجارة.
إذاً فهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل من يقبض من التجار الذين هم أصحاب التجارات يقبض منهم زكواتهم. أليس ذلك دليلاً ولكنه فات على الشيخ الألباني -عفا الله عنه- فجزم بعدم وجوب الزكاة في عروض التجارة في تعليقه على هذا الحديث عند تخريجه لأحاديث كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق. وروى البيهقي عن ابن عمر قال ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة.