وكل هذه الأمور تابعة لقضاء الله وقدره. فإن الله تعالى قدر الأمور بأسبابها: فالأسباب والمسببات من قضاء الله وقدره ولهذا لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله؛ أرأيت أدوية نتداوى بها، وتقاة نتقيها، ورقى نسترقيها؛ هل ترد من قضاء الله وقدره شيئاً؟ فقال:((هي من قضاء الله وقدره)) . (أخرجه الترمذي برقم (٢٠٦٥) و (٢١٤٨) وابن ماجه (٣٤٣٧)(وأحمد في المسند وقد ضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (٣٥٩/٢١٥٩)) .
وكذلك الأدعية المتنوعة سبب كبير لحصول المطلوب، والسلامة من المرهوب. وقد أمر الله بالدعاء، ووعد بالإجابة. والدعاء نفسه، والإجابة كلها داخلة في القضاء والقدر.
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الأمر، بالعمل بكل سبب نافع، مع الاستعانة بالله. كما ثبت في الصحيح مرفوعاً:((احرص على ما ينفعك، واستعن بالله)) . (أخرجه مسلم رقم (٢٦٦٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه) .
فهذا أمر بالحرص على الأسباب النافعة في الدين والدنيا، مع الاستعانة بالله. لأن هذه هي الاستقامة. وذلك لأن الانحراف من أحد أمور ثلاثة: إما أن لا يحرص على الأمور النافعة؛ بل: يكسل عنها، وربما اشتغل بضدها. أو يشتغل بها، ولكن: يتكل على حوله وقوته، وينظر إلى الأسباب، ويعلق جميع قلبه بها، وينقطع عن مسببها. أو لا يشتغل بالأسباب النافعة، ويزعم: أنه متوكل على الله. فإن التوكل لا يكون إلا بعد العمل بالأسباب.
فهذا الحديث بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم الطرق النافعة للعبادة.
ولنقتصر على هذا فأنه يحصل به المقصود. والله أعلم؛ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.