وهذا هو ما حصل لصفوة الأمة وخيارها وهم الصحابة -رضي الله عنهم- الذي كانوا أعداء قبل الإسلام فائتلفوا بالإسلام؛ فذكّرهم الله بذلك في قوله تعالى:(واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً)(آل عمران:١٠٣) ، وقال تعالى:(هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين وألَّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم) ، فأصبحوا إخواناً متماسكين بهذه الأخوة في قوله تعالى:(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)(آل عمران:١٠٣) .
فهذا ما يحث عليه الإسلام؛ يحثنا على أن نكون مجتمعين غير متفرقين، مجتمعة قلوبنا وإن تفرقت أبداننا، مجتمعة أهدافنا، ونياتنا، وأعمالنا، لا يخالف بعضنا بعضاً؛ فإن وقع الاختلاف، وقع التضاد والتحاسد، ونحو ذلك، وبذلك تضعف كلمتنا وتضعف معنوياتنا، ولم يكن لأحد عند الآخر قدر، وصار كل منا يستبدّ برأيه وبنفسه ويدعي أن الصواب في جانبه، ويحقر إخوته ولو كانوا أكبر منه وأفضل، ويلتمس مثالبهم ومعايبهم وينشر السمعة السيئة لمن خالفه!
وهذا ما يتمناه أعداؤنا، ويتمناه الشيطان وأولياؤه؛ فإنهم يتمنون للمسلمين؛ سيما أهل السنة وأهل الحق، أن تكون قلوبهم متفرقة مثلما قال الله تعالى عن اليهود:(تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى)(الحشر:١٤) . فهذا بلا شك مما يتمناه أعداؤنا.
ولا شك أن هذا التفرق الذي نحس به ونسمع به بين الحين والآخر أثر من آثار الآداب السيئة، وإلا فلو تأدبنا بآداب الإسلام لما حدث لنا هذا التفرق، ولما التمس بعضنا عورة بعض ولا أحد يستهزئ بالآخر ويدّعي أن الكمال في جانبه.
ما هكذا يكون المنصفون!
/ النصيحة لأخيك:
لا شك أن المحبة تقتضي أن تنصح أخاك إذا رأيته قد أخلّ بواجب.
وهذه النصيحة من أعظم آثار المحبة فتنصحه لله تعالى وتقول: إني أحبك في الله -من آثار محبتي أن أنصحك بكذا وكذا، وأدلك على كذا وكذا ...