قال الله تعالى:(يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل)(المائدة:١٩) الآية.
قال ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: "أي بعد مدة متطاولة ما بين إرساله وعيسى بن مريم، وقد اختلفوا في مقدار هذه الفترة، فقال أبو عثمان النهدي، وقتادة: كانت ستمائة سنة. ورواه البخاري عن سلمان الفارسي، وعن قتادة أيضاً: خمسمائة وستون سنة، وقال معمر عن بعض أصحابه: خمسمائة وأربعون سنة والمشهور هو القول الأول، وهو أنها ستمائة سنة. إلخ. انتهى.
ومعنى الفترة: أي الزمن الذي لم يبعث فيه أحد من الرسل، ومع ذلك فهذه الفترة لم ينقطع فيها أثر النبوة، فإن العرب لم يزل عندهم بقية من دين إبراهيم وإسماعيل، حيث إنهم يفتخرون بالانتساب إلى إبراهيم، ولهذا ذكرهم الله بذلك بقوله:(مِلّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهيم هو سمَاكمُ المسلمين مِن قَبلٌ)(الحج:٨٧) . فهم يعترفون بتوحيد الربوبية، ويخلصون لله العبادة في الشدة كلجة البحر، ويحجون البيت الحرام ويعتمرون، ويحترمون الأشهر الحرم، ويهدون الهدي، ويقلدونه القلائد التي أمر الله بعدم إحلالها، وعندهم خصال الفطرة: كالختان، ونحوه.