وقال تعالى:(يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين) إلى قوله عنهم: (بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً)(سبأ الآيات:٣١-٣٢) .
وقال تعالى عنهم وهم في النار:(قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذاباً ضعفاً في النار)(ص:٦٠-٦١) . وقال تعالى:(ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم)(النحل:٢٥) وفي الحديث: "من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً". والله أعلم.
وكل هذه الأدلة ونحوها كثير واضحة في أن الأتباع يعذبون مع أكابرهم ومن قبلهم ممن دعاهم إلى الضلال وأوقعهم في الكفر والشرك، وتدل على أن في إمكانهم اتِّباع الحق الذي كان موجوداً بعد الأنبياء والرسل، لكن غيَّره من أغواهم الشيطان.
وقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، وهو أول من غيّر دين إبراهيم"، وفي حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر".
قال ابن كثير عند قوله تعالى:(ما جعل الله من بحيرة)(المائدة:١٠٣) بعد أن ساق أحاديث في معناها، "فعمرو هذا هو ابن لحي بن قمعة، أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جرهم، وكان أول من غير دين إبراهيم الخليل، فأدخل الأصنام إلى الحجاز، ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها، والتقرب بها، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها، إلى آخر كلامه رحمه الله".
وقد دل الحديث على أن العرب كانوا على ملة إبراهيم وإسماعيل، ثم حدث بعد ذلك التغيير وعبادة الأصنام بسبب عمرو بن لحي وغيره.