فهذه مجموعة من محاضرات تتعلق بالصيام والقيام والاعتكاف والأعمال الصالحة التي تسن في شهر رمضان، كنت ألقيتها في مناسبات وأوقات مختلفة فجمعها بعض الإخوان الصالحين، وطلب الإذن في نشرها فوافقت على ذلك لما فيها من المصلحة والمنفعة العامة والخاصة. وحيث إنها ألقيت ارتجالاً بدون تحضير وإعداد فلا يستغرب ضعف التعبير ووجود الاختلال في سبك الكلام وعدم التناسب والتنسيق، ولكن المعنى ظاهر مفهوم، والله المسؤول أن ينفع بها المسلمين وأن يجزل لنا الثواب ولمن سعى في إخراجها، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
قال الله تعالى:((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) (البقرة:١٨٣)
يقول ابن كثير رحمه الله (تفسير القرآن العظيم ١/٢١٣) : "يقول الله تعالى مخاطباً المؤمنين من هذه الأمة وآمراً لهم بالصيام؛ وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة لله عز وجل لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الردئية والأخلاق الرذيلة، وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم فلهم فيهم أسوة حسنة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك.. ثم قال: والصوم فيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان..." اهـ.
لقد جاءكم شهر كريم، أوجب الله صيامه وقيامه، فمن قصر فيه فهو من الخاسرين، ومن اجتهد في صيامه وقيامه كان من الرابحين.