ولما كانت من أهم الأعمال والقربات لله تعالى، فقد شرع لعباده أيضاً أن يتقربوا بنوافلها. فمدح الذين يكثرون من الصلاة، وخصوصاً في الليل، فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:((يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً)) (المزمل:١-٤) . وقال تعالى:((ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)) (الإسراء:٧٩) .
فأمر نبيه أن يتهجد من الليل بهذا القرآن، والأمر له شريعة لأمته، فإن أمته تبع له، فهو أسوتهم وقدوتهم.
قيام النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر الله تعالى:((يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً)) (المزمل:١-٢) ، فكان يقوم نصف الليل، أو ثلثه، أو نحو ذلك طوال سنته، وكان يصلي من الليل ما شاء، ويطيل في الصلاة.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يخص شهر رمضان بمزيد من الاهتمام، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه.
وقيام رمضان هو قيامه بالتهجد، بالصلاة ذات الخشوع، وذات الدعاء في هذه الليالي الشريفة.
وقد حث عليه السلام أمته على هذه الصلاة، فكانوا يتقربون بها، تارة يصلونها وحدهم، وتارة يصلونها معه صلى الله عليه وسلم، فتوفي وهم يصلون أوزاعاً. يصلي في المسجد جماعة، أو ثلاث جماعات، أو أربع، وقد صلّى بهم صلى الله عليه وسلم في حياته ثلاث ليال متوالية جماعة، يصلي بهم نصف الليل أو ثلثه، أو نحو ذلك.
لكنه وبعد أن رأى حرص الصحابة على قيام الليل معه ومداومتهم على ذلك وازدحام المسجد بهم خشي أن يُفرض عليهم ذلك القيام والاجتماع، فيعجزون فلا يحافظون ويستمرون عليه، فأمرهم أن يصلوا فرادى في أماكنهم.