وفضائل التلاوة كثيرة ومشهورة، ولو لم يكن منها إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من قرا حرفاً من القرآن فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف". فجعل في قراءة آلم ثلاثين حسنة.
وفضائل التلاوة كثيرة لا تخفى على مسلم، وفي ليالي رمضان وأيامه تشتد الهمة له. كان بعض القراء الذين أدركناهم يقرؤون في كل ليلة ثلاثة أجزاء من القرآن على وجه الاجتماع؛ يجتمعون في بيت، أو مسجد، أو أي مكان، فيقرؤونه في كل عشرة أيام مرة. وبعضهم يقرأ القرآن ويختمه وحده.
وقد أدركت من يختم القرآن كل يوم مرة أو يختم كل يومين مرة! فقد يسره الله وسهله عليهم، وأشربت به قلوبهم، وصدق الله القائل:((ولقد يسَّرنا القرآن للذكر فهل من مُدَّكر)) (القمر:١٧) . وقال:((فإنما يسَّرناه بلسانك لعلهم يتذكرون)) (الدخان:٥٨) .
فمن أحب أن يكون من أهل الذكر فعليه أن يكون من الذين يتلون كتاب الله حق تلاوته، ويقرأه في المسجد، ويقرأه في بيته، ويقرأه في مقر عمله، لا يغفل عن القرآن، ولا يخص شهر رمضان بذلك فقط.
فإذا قرأت القرآن فاجتهد فيه؛ كأن تختمه مثلاً كل خمسة أيام، أو في كل ثلاثة أيام، والأفضل للإنسان أن يجعل له حزباً يومياً يقرأه بعد العشاء أو بعد الفجر أو بعد العصر، وهكذا. لابد أن تبقى معك آثار هذا القرآن بقية السنة ويحبب إليك كلام الله، فتجد له لذة، وحلاوة، وطلاوة، وهنا لن تمل من استماعه، كما لن تمل من تلاوته.
هذه سمات وصفات المؤمن الذي يجب أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله تعالى وخاصته.
أما قراءة القرآن في الصلاة، فقد ذكرنا أن السلف كانوا يقرؤون في الليل فرادى ومجتمعين قراءة كثيرة. فقد ذكروا أن الإمام الشافعي -رحمه الله- كان يختم في الليل ختمة، وفي النهار ختمة، في غير الصلاة؛ لأنه يقرأ في الصلاة زيادة على ذلك.